صحيح
انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة معلومات تشير إلى عدم وجود غاز في البلوك رقم 9، وكتب رواد منصة "X"، أنه "لا غاز في #بلوك_٩ الرهان الاقتصادي بكامل جوانبه سقط"، و"معلومات أولية تؤكد عدم اكتشاف مكمن للغاز في البلوك رقم ٩ رغم عدة محاولات لشركة توتال"، وتأتي هذه المعلومات المتداولة في الإعلام في ظل التوتر السائد على الحدود الجنوبية للبنان مع اسرائيل.
فما صحة هذا الخبر، وهل فشل لبنان في اكتشاف مكامن للغاز في البلوك رقم 9؟
أكدت هيئة إدارة قطاع البترول في وزارة الطاقة والمياه في بيانٍ أصدرته الخميس 19 تشرين الثاني 2023، أنه بعد استكمال أنشطة حفر بئر الاستكشاف قانا 1/31 في موقع الحفر في الرقعة رقم 9 في المياه البحرية اللبنانية من قبل المشغل شركة "توتال انرجايز"، وبعد استكمال جمع البيانات والعينات الناجمة عن أنشطة الحفر ليل الأحد-الاثنين 13/14 تشرين الأول 2023، وبإنتظار التقرير التقني المفصّل الذي تعدّه توتال، تمّ اختراق الطبقات المستهدفة وتأكيد وجود مكمن بنوعية جيدة يحتوي على الغاز في الطبقة الخاصة بلبنان.
وإن اكتشاف هذا المكمن يوجب إجراء دراسة موسعة لفهم أعمق يسمح برسم خارطة لهذا النوع من المكامن في حوض قانا وعلى امتداد البلوك 9 والبلوكات المحيطة، بهدف تحديد أماكن المكامن التي يمكن أن تحتوي مواد هيدروكاربونية بكميات تجارية.
وختم البيان مؤكدًا أنه على الرغم من عدم حصول اكتشاف لمواد هيدروكاربونية نتيجة لحفر هذا البئر إلا أن البيانات والعينات، التي تم الاستحصال عليها من داخل البئر ستشكل أملًا جديدًا ومعطيات إيجابية لاستمرار عمليات الاستكشاف في البلوك 9 والبلوكات الاخرى وبالاخص تلك المحيطة ببلوك 9 كما انها تعطي قوة دفع إضافية للإستكشاف في البحر اللبناني.
في هذا الإطار، أكدت خبيرة النفط والغاز ومديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتيان في حديثٍ لـ"مهارات نيوز" أنه "لطالما شددنا على ضرورة البدء بالحفر للتمكن من معرفة ما إذا كان يوجد مكامن تجارية للنفط والغاز لأنه فقط عبر الحفر والنزول لأمتار عديدة في عمق البحر يمكن أن يؤكد أو ينفي وجود الغاز، أما المسوحات فتبقى خريطة توجيهية لتوقع الأماكن التي يمكن أن تحتوي على الغاز لحفرها لاحقًا".
ولفتت هايتيان إلى أنه منذ البداية كان هناك ثلاث سيناريوهات محتملة لواقع الثروة النفطية في لبنان وهي إما أن لا يكون هناك غاز أو نفط، أو أن يكون هناك كميات قليلة أو كميات كثيرة قابلة للتطوير، وأضافت "هذه هي الطريقة المثلى للتعامل مع هذا الموضوع، ولكن في لبنان بسبب توفر مساحات للتعبير من دون المحاسبة على المعلومات التي تُنشَر، إلى جانب الكلام السياسي الذي تم تبنيه من قبل جهات عدّة، أقنعت المواطنين أنه لدينا كميات كبيرة منقذة للبنان، كما تم ترسيم الحدود وفقًا لمعطيات غير علمية أدت إلى أخذ بئر قانا بدلًا مقابل كريش".
ولكن بعد أن أصبح هناك معلومات ملموسة لكل من البلوك رقم 4 و 9، في المرحلة المقبلة على الدولة اللبنانية أن تقوم بدراسة وتحليل المسوحات والمعطيات المتوفرة بشكل أدق، لربما إذا كان هناك ضرورة للقيام بمسوحات أخرى مستقبلًا أن تطالب الدولة الشركات أن تقوم بها بتقنيات متطورة أكثر أو بطرق مختلفة للحصول على معلومات أوضح، وأكدت هايتيان أن "كل عملية حفر تضيف من معرفة الدولة في منطقتها الاقتصادية الخالصة".
إذًا، خلال المرحلة الاستكشافية الأولى لكل من البلوك رقم 4 و9 تبين أن النتيجة سلبية وما من وجود للغاز أو النفط بهما، ولكن حتى الآن لم تعلن شركة توتال ما إذا كانت ستتابع عملها في البلوك رقم 9، ضمن مرحلة الاستكشاف الأولى الممتدة لعام 2025.
كما أنهت توتال مرحلة الاستكشاف الأولى في البلوك رقم 4 في 22 تشرين الأول 2023، بانتظار إصدار بيان من الشركة أو من الدولة اللبنانية تعلن من خلاله ما إذا كانت ستتخلى توتال عن البلوك 4 وتعيده للدولة أو أنها ستطالب بإبقائه للقيام بأنشطة بترولية ضمن المرحلة الثانية من الاستكشاف.
أما بما يخص المرحلة المقبلة، أوضحت هايتيان أنه "تقدمت كل من شركة توتال، إني، وقطر للطاقة على جولة التراخيص الثانية لكل من البلوك رقم 8 و 10 التي أقفلت في 2 تشرين الأول 2023، ونحن بانتظار ما إذا كانت الدولة ستقوم برفض أو قبول العرض مع تعديلات أو من دون تعديلات، وما إذا كانت ستفتح الدولة جولة تراخيص ثالثة لاستقطاب شركات أخرى".
إذًا، ما يتم تداوله حول عدم وجود كميات غاز تجارية في المكمن الذي تم الحفر فيه في البلوك رقم 9 صحيح، لا سيما مع تأكيد البيان الذي صدر عن هيئة إدارة قطاع البترول في وزارة الطاقة والمياه اللبنانية على ذلك.