يدخل لبنان مرحلة جديدة من الاعتداء الاسرائيلي، فبعد تفجير أجهزة اتصال "البايجر" وأجهزة اللاسلكي "icom v82" التابعة لحزب الله، شنّ الجيش الاسرائيلي بتاريخ 23 أيلول 2024 اعتداء جويا واسعا على الأراضي اللبنانية ذهب ضحيّته إلى الآن أكثر من 500 مواطن بالإضافة إلى إصابة أكثر من 1500.
وقبل هذا الاعتداء وخلاله، كان من اللافت إرسال آلاف الرسائل النصيّة مجهولة المصدر التي وصلت إلى هواتف اللبنانيين المحمولة والتي تحمل تهديدات ودعوات لإخلاء المنازل، بالإضافة إلى الرسائل عبر تطبيق الواتساب والتلغرام.
وفي هذا الإطار وسعيا لفهم الجانب التقني لكيفية ارسال هذه الرسائل، يقول مدير المحتوى الرقمي لدى منظمة "سمكس" عبد قطايا إنّ "ما حصل لا يشكّل خرقا، مع العلم أنه من الممكن وجود الكثير من الخروقات، إنما ما حصل هو تحايل على شبكة الاتصالات عبر منصّات تتعامل مع شركات أجنبية متعاملة مع شركات اتصالات في لبنان وبالتالي يتم إرسال الرسائل".
أي أن هذه الرسائل قد أرسلت عبر منصّات متعاقدة مع وكالات محلية متعاقدة بدورها مع مشغّلي الاتصالات في لبنان.
ويضيف قطايا أنّ نظام فلترة الرسائل في لبنان ضعيف جدا، وبالتالي تقوية هذا النظام من الممكن أن تحدّ من إرسال هذا الرسائل، عبر حظر أي مصدر مشبوه يرسل ألاف الرسائل في نفس اللحظة.
أما لناحية الاتصالات التي يتلقاها للبنانيين، كان قد شرح مدير عام هيئة أوجيرو عماد كريدية، أن "إسرائيل تتحايل على أنظمة الاتصال من خلال استخدام رمز دولة صديقة، وهو ما يفسر تلقي اللبنانيين اتصالات عبر الشبكة الثابتة".
وهنا تطرح إشكالية بيانات المواطنين التي باتت متاحة من دون ضوابط، إذ أشار تقرير سابق لجريدة الأخبار إلى مسألة بيع داتا الاتصالات في لبنان وتحديدا إلى الاقتراح الذي تقدّم به وزير الاتصالات جوني القرم حينها حول بيع معلومات مفتوحة المصدر ومعروفة على نطاق واسع في مجال التسويق، الأمر الذي اعتبره خبراء اعترافاً بالسماح لجهات غير موثوق بها بالاطلاع على بيانات المستخدمين والمتاجرة بها، ومخالفة لقانون المعاملات الالكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي.
وفي هذا السياق، تنصّ المادة 87 من قانون المعاملات الالكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي على أن تجمع البيانات الشخصية بأمانة ولأهداف مشروعة ومحددة وصريحة، بالإضافة إلى منع معالجة هذه البيانات لغير الغايات المعلنة.
أي أن بيع هذه البيانات لغايات تجارية قد يكون أحد الأسباب التي سمحت بهذا التحايل وإرسال اسرائيل للرسائل النصيّة إلى هواتف المواطنين اللبنانيين.
وقد نشرت منظمة "سمكس" العديد من النصائح بما يخص الرسائل النصية والاتصالات المشبوهة منها:
- عدم الاتصال بالرقم المشبوه الذي يتّصل بكم
- عدم إرسال رسائل SMS للأرقام المشبوهة أبداً
- في حال الإجابة على أحد الاتصالات المشبوهة، لا يجب النقر على أيّ رقم على لوحة الهاتف
- التبليغ عن مثل هذه الاتصالات للجهات الأمنية
الرسائل والمجموعات على تطبيق واتساب
مع بدء النزوح الكثيف من الجنوب إثر الاعتداء الاسرائيلي يوم 23 أيلول 2024، والذي أدّى إلى زحمة سير خانقة لا زالت مستمرة إلى اليوم، بدأت تنشأ مجموعات واتساب وانتشرت آلاف أرقام الاتصال لتأمين المنازل والمستلزمات الأمر الذي سمح للعديد من الخروقات واستغلال هذه الحالة، فقد نشأت مثلا مجموعة إسمها "المنقذ" لمساعدة النازحين من الجنوب، ليتبيّن لاحقا أنها تابعة للعدو الإسرائيلي بشكل مباشر.
وهنا يشرح قطايا، أنّ مجموعة "منقذ" تروّج لنفسها عبر المنصات وبشكل علني، وهنا تقع المسؤولية على شركة "ميتا"، عبر السماح لمجموعة واتساب تابعة لدولة تخوض حربا مع دولة أخرى من أن تروّج لنفسها على خلاف ما تنصّ عليه سياسة الشركة.
وعن طريقة عمل هذه المجموعات، أشار تقرير لمنظمة سمكس أنّ "المرسل يقوم بإنشاء حسابات “واتساب” أو “تلغرام” وهميّة، عبر خطوط هاتف يمكن شراؤها أو تشغيلها عبر الإنترنت. يفعّل المرسل بعدها هذه الحسابات، ويبدأ بإرسال الرسائل المشبوهة، وعادةً ما يلجأ إلى مولّدات أرقام عشوائية (generators) في بلدٍ معين. في هذه الحالة، يعمل الاحتلال على استهداف سكّان منطقة معينة بالرسائل بفضل داتا الاتصالات التي تملكها".
وهنا وضعت منظمة "سمكس" العديد من النصائح منها:
- عدم النقر على أيّ روابط حتى لو وصلتكم/ن من أشخاصٍ تعرفونهم/ن
- عدم الدخول إلى مجموعات واتساب أو غيرها في حال عدم معرفة هوية صاحبها
- إزالة إمكانية الإضافة إلى مجموعات واتساب إلّا من قبل الأصدقاء: الإعدادات (Settings) ثم “الخصوصية (Privacy) ثم المجموعات (Groups) ثم أرقامي فقط (My cotnacts only).
إذا يجب على المواطنين الحذر من الدخول على مجموعات الواتساب المنتشرة قبل التأكّد من هويّة مديرها تجنبا لأي تحايل أو خرق اسرائيلي.
سجّل الكثير من حالات الخروقات والتحايل على شبكة الاتصالات في لبنان لبثّ الرسائل والتهديدات، وقد ازدادت هذه الممارسات مع بدء النزوح من جنوب لبنان خصوصا مع تحرّك الناس بشكل كبير وعفوي لمساعدة النازحين الأمر الذي سمح بالعديد من عمليات التحايل، وهنا يؤكّد قطايا على ضرورة تنظيم الدولة لقطاع البيانات خصوصا خلال هذه الحرب عبر خطط مركزية ومركز بيانات مرتبط بالدولة مباشرة.
نقل شبكة الاتصال من نظام الـIP ims لنظام الـ TDM: ما الفائدة؟
من ناحية أخرى وأيضا في سياق قطاع الاتصالات، نشر المكتب الاعلامي لوزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم عبر منصة X بيانًا أعلن فيه عن نقل شبكة الاتصالات من نظام الـ IP ims لنظام الـ TDM بعد محاولات الجانب الاسرائيلي خرق الاتصالات في عدّة مناطق لبنان عبر عملية تمويه واحتيال تتم من قبل تطبيقات إلكترونية.
تمتلك وزارة الاتصالات نظامان لشبكة الاتصالات وهما IP ims وTDM. بعد أن باشرت الوزارة بالنقل على النظام الجديد وهو الـ IP ims واجهة مشكلة التمويه من قبل الجانب الإسرائيلي على الاتصالات لهذا عادت إلى النظام السابق وهو نظام الـ TDM لتجنّب الـ Fake Senders، وفق ما أوضح عضو مجلس إدارة جمعية الإنترنت في لبنان جاك باكاييف لـ"مهارات نيوز".
فالنظام السابق لا يستطيع الجانب الإسرائيلي عبره أن يوهم أو أن يغش المتلقين كونه لا يستطيع تمويه الرقم الأصلي برقم لبناني بل يظهر الرقم كما هو من مصدر الاتصال.
أما بما يخص قدرة الوزارة على نقل الشبكة من نظام إلى آخر في هذه الأوقات الصعبة، أوضح باكاييف أن عملية النقل ليس من الصعب القيام بها كون الماكينات تعمل على النظامين، كما أن الوزارة نقلت فقط ما بين الـ 30 إلى الـ40% من المربوطين على الشبكة إلى نظام الـ IP ims والآن يعيدونهم إلى النظام السابق، ولم يتأثر أي أحد من هذه النقلة.
والهدف من هذه الخطوة هو فقط وقف الـ Fake senders من الأرقام الثابتة ولم تتأثر الهواتف الخليوية والواتس آب أو غيرها أبدًا.
TAG : ,شبكة الاتصالات ,اسرائيل ,لبنان ,حرب ,النازحون ,خرق ,حماية البيانات ,واتساب ,الاتصالات ,جنوب لبنان