Loading...
false

غير صحيح

بلدية بيروت (1)
هل يحق قانوناً للبلديات إعتماد نظام الشراء بالسلف من دون إجراء مناقصات؟
02/08/2024

توقفت بلدية بيروت عن إجراء مناقصات وانتقلت إلى الاستعانة بالسلف المالية لتسيير أعمالها بحسب مقال نشر على موقع الأخبار، وذلك إثر تردي الوضع المالي في لبنان، وتدهور سعر صرف الليرة وانهيار ميزانية البلديات. 

 

هل يحق قانوناً للبلديات إعتماد نظام الشراء بالسلف من دون إجراء مناقصات؟

 

تعتمد بلدية بيروت منذ 5 سنوات على نظام السلف لشراء الخدمات التي تشمل أعمال بنى تحتية وفوقية وأرصفة وجدران داعمة وتنظيف مصافٍ وريغارات وأعمال تزفيت وحفر في الشوارع العامة لزوم دائرة الأشغال بالأمانة، وأعمال التشحيل والري والتعشيب في حرج بيروت ووسطيات العاصمة، وإصلاح وصيانة آليات دائرة المرأب، وطلبات المازوت والبنزين لفوجَي الإطفاء والحرس.

 

وتتميز هذه السلف المالية بتجدّدها تلقائياً خلال العام، ويمكن تكرارها كلما رأى المتعهّد ذلك للوصول إلى المبلغ المرصود ضمن بنود موازنة البلدية السنوية. على سبيل المثال، إذا كان هناك بند يتعلّق بتنظيف المجاري بقيمة 150 مليار ليرة، يستطيع المتعهّد أن يطلب تكرار السلفة خلال العام حتى يصل إلى المبلغ المرصود ضمن الموازنة، ولأن كل سلفة تتخطّى الـ 500 مليون ليرة تستوجب موافقة مسبقة من ديوان المحاسبة، تعمد البلدية إلى تجزئة العقود للتهرب من رقابة الديوان، كما حصل في بند تشحيل الأشجار على الطرقات وأشجار حرج بيروت والذي كلّف 4 مليارات ليرة قُسّمت على أربع سلف، حسب  ما أشار أحد أعضاء المجلس البلدي للأخبار.

 

في هذا الإطار أشار مدير المكتب الإقليمي للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان والخبير في شؤون الحوكمة محمد المغبط في حديثٍ لـ"مهارات نيوز" إلى أن "تقسيم الفاتورة هي مشكلة في البلديات، إذ تعتبر أنها إذا قسمت العقد أو الفاتورة الواحدة على عدة فواتير تحت الحد القانوني الذي يستوجب إجراء مناقصة، فهي غير مضطرة للمناقصة. وهذا ما يُمكن القول عنه أنه غير قانوني، كون ذلك يقوِّض هدف وموضوع القانون ذاته؛ فوضع حد قانوني أدنى للمناقصات هدفه الحد من القدرة على ارتكاب ممارسات فاسدة كتضارب المصالح وصرف النفوذ ضمن البلديَّات وما تقوم به الأخيرة يُمكن وصفه بأنَّهُ "تذاكي على القانون" ولا يجعل ذلك ما تقوم به البلديَّات قانونياً".

 

وشرح المغبط "مثلاً إذا رمَّمت البلديَّة حفرة معيَّنة على الطريق العام، وقامت بتقسيم مصاريف الترميم على عدَّة فواتير لتبقى تحت الحد الأدنى الذي يستوجب إجراء مناقصة، كفاتورة لمادَّة الاسمنت وأخرى لأجرة العمَّال، إلخ، لا يعني ذلك أنَّنه أصبح لدينا أكثر من فاتورة بل تبقى فاتورة واحدة وذلك استناداً إلى المادَّة 6 من المرسوم التطبيقي لقانون الحق في الوصول إلى المعلومات التي تحدِّد بأنَّهُ يُنظر إلى هدف وموضوع العمليَّة المالية لتحديد ما إذا كانت فاتورة واحدة وليس فقط إلى مجموعها"

 

وبالتالي إذا ما طبقنا هذه القاعدة على ما تقوم به بلديَّة بيروت هو، إن لم يكن غير قانوني، التفاف على القانون للتهرب من موجباتها القانونيَّة في اتباع إجراءات الشراء العام الواجبة، وإجراءات الشفافيَّة التي يفرضها الإطار القانوني للحق في الوصول إلى المعلومات، وذلك على الرغم من أنَّه بالنظر إلى الإجراءات المطبَّقة الخاصَّة بالسلف نرى بأنَّه يتم ذلك بحسب الإجراءات الإداريَّة الروتينيَّة ولكن الإشكاليَّة في ذلك أنَّه يُخالف هدف وموضوع قانون البلديَّات وقانون الشراء العام وقانون الحق في الوصول إلى المعلومات، بحسب المغبط.

وفي هذا السياق أوضحت الخبيرة في الشراء العام في معهد باسل فليحان رنا رزق لله لـ"مهارات نيوز" أن "السلف هي طريقة دفع ولا تتعلق بقانون الشراء، إنما قيام البلدية بتجزئة الشراء والدفع عن طريق السلفات غير مسموح في قانون الشراء العام. إذ تنص المادة 14 من هذا القانون على حظر التجزئة بهدف الهروب من تطبيق أحكام القانون. فإذا، كانت التجزئة التي تقوم بها البلدية هي تجزئة للنزول تحت سقف 500 مليون، وبالتالي الشراء عن طريق الفاتورة و تفادي إجراء مناقصة عمومية، فهي محظورة في القانون".

 

وأضافت رزق الله "لمزيد من الموضوعية في دراسة هذا النوع من الشراء، يجب الاطلاع على كامل المبالغ المصروفة على هذا النحو: تكون تجزئة محظورة عندما تتعلق بنفس موضوع الشراء وتتم خلال موازنة (سنة) واحدة".

 

إذًا، اعتماد البلديات على نظام السلف بدلًا من المناقصات غير صحيح، إذ لا يجيز قانون الشراء العام تجزئة أي شراء والدفع عن طريق السلفات لأنه يعتبر تهربا من تطبيق أحكام القانون، وبالتالي الشراء عن طريق الفاتورة و تفادي إجراء مناقصة عمومية، هي محظورة في القانون.