Loading...

ملف النفط: تقرير الاثر البيئي خطوة اولى في طريق الالف ميل

يعاني لبنان نقصاً كبيراً في البيانات الأساسية الاجتماعية والبيئية، فضلا عن "نقص في التنسيق داخل السلطات اللبنانية"، وفقا لتقرير الاثر البيئي والاجتماعي المتعلق بأنشطة النفط والغاز، التي نشرتها اخيراً هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان.

يعتبر هذا التقرير، الذي أعدته المجموعة الاستشارية البريطانية "RPS" للطاقة، خطوة أولى لتقييم ورصد الأثر البيئي والاجتماعي للتنقيب عن النفط والغاز والإنتاج. كما تتألف الدراسة من ثمانية فصول، كل واحد مرتبط بجزء معين، منه ما يتعلق بالسيناريوهات المتوقعة في حال حدوث كارثة بيئية، ومنه ما يتعلق بخطط الحماية وادارة الازمات.

هذه الانواع من الدراسات والاحصاءات مطلوبة في كل دولة مقبلة على بدء عملية التنقيب واستخراج النفط. فهي تقدم صورة عن السيناريوهات والخطوات الواجب اتخاذها لدى وقوع اي كارثة بيئية ناتجة من التنقيب، والنواقص الواجب توافرها، اضافة الى انها خرجت بسلسلة توصيات.

في السياق، أكدت منسقة البرامج في *مؤسسة "انشر ما تدفعه" ديانا القيسي لـ "مهارات نيوز" ان دراسة الاثر البيئي والاجتماعي التي أجرتها هيئة إدارة قطاع البترول لم تخرج بنتائج عجيبة او مخالفة لدراسات مشابهة قامت بها دول ناشئة في مجال التنقيب عن النفط مثل جزر السيشيل، والخطورة ان يتم الاستكمال في مجال التنقيب من دون اخذ هذه الدراسة في الاعتبار.

تعتبر الدراسة، في رأي كثير من الخبراء في المجال النفطي، خطوة اولى مهمة يجب ان تستتبع بدراسات اخرى عن الاستراتيجيات العملية لمواجهة التأثيرات البيئية الناتجة من عمليات التنقيب. فالدراسة لم تجب عن اسئلة مهمة مثل: من هي المديريات المسؤولة في وزارة البيئة عن تنفيذ خطة معالجة التسرب النفطي في حال وقع؟ من هم الاشخاص المعنيين في هذه الخطة؟ الخطط العملية لحصر الكارثة؟ من هي الجهة المتحملة لنفقات مكافحة الكوارث البيئية الناتجة من الاستخراج؟ كذلك، من هي الوزارات التي تتحمل المسؤولية التنفيذية؟ من هي الجهة المنسقة بين هذه الوزارات؟ وخصوصاً ان لهيئة البترول دوراً استشارياً وليس تنسيقياً، وعدم وجود وزارة تخطيط منذ العام 1966.

كما ان تأخر نشر التقرير بالرغم من كونه جاهزاً منذ العام 2012، أجل مشاركة نتائجه مع المجتمع المدني والاعلام، مما أدى الى تعطيل بناء رأي لبناني داعم لعمليات التنقيب، ومطلع على اثارها الجانبية. والسؤال الموجه الى هيئة قطاع النفط عن سبب التأخير في عرض الدراسة، والخطوات العملية التي ستقوم بها الهيئة بناءً عليها.

تشير مصادر في هيئة ادارة قطاع البترول (رفضت ذكر اسمها) لـ "مهارات نيوز" ان التأخير في نشر الدراسة جاء بسبب تأخر التلزيم للشركات المنقبة عن النفط والغاز، التي من المفترض ان تحصل على هذه المعلومات والبيانات والدراسات الخاصة بعملية التنقيب بعد التلزيم مباشرة.

ولفتت المصادر الى ان هناك ثغراً عدة في التقرير، وخصوصاً ان الدراسة تمت قبل عامين، اي قبل تشكيل الهيئة. واليوم هناك دراسات يتم العمل عليها لسد هذه الثغر مع وكالة الامم المتحدة للانماء UNDP وبرنامج التعاون النرويجي. كما ان هناك مشروعاً يحضر بالتعاون مع قيادة الجيش ووزارة البيئة لمواجهة اي كارثة بيئية تنتج من عملية التنقيب.

في المقابل، اشارت القيسي الى انه "لدينا ست سنوات كفترة زمنية لبداية استخراج النفط، خلالها يجب ان تؤخذ خطوات بناءة من الدولة وهيئة النفط لتلافي اي سيناريو لكارثة بيئية تنتج من استخراج النفط والغاز، كما يجب ان تبدأ بورش توعية بالتعاون مع المجتمع المدني والاعلام لتبيّن نتائج هذه الدراسة والخطوات العملية التي ستقوم بها الهيئة تماشياً مع التوصيات التي وضعتها". وهو ما لفت اليه تقرير الهيئة في توصياته، اذ دعت احدى التوصيات الى تكوين وعي لدى سكان المناطق الساحلية القريبة من مناطق التنقيب بالاخطار البيئية والاثار الجانبية لعملية التنقيب والانابيب النفط والغاز التي سيتم انشاؤها.

وطالبت الدراسة في توصية اخرى اللجوء الى علماء متخصصين في البيئة البحرية للتأكد من عدم تأثر الثروة المرجانية الموجودة على السواحل اللبنانية، وطرق حمايتها من اثار عملية التنقيب.

* مؤسسة "انشر ما تدفعه" شبكة عالمية من منظمات المجتمع المدني التي توحدت في سعيها لتحقيق الانفتاح والمساءلة في قطاع الصناعات الاستخراجية.