صحيح جزئياً
شهد كلام رئيس مجلس النواب حول شرعية انعقاد جلسة مناقشة موازنة العام 2020 سجالا دستوريا مؤيدا ومعارضا لمدى دستوريتها. وخلال افتتاح الجلسة، أكد بري ان "المادة 16 من الدستور تقول ان حق التشريع مطلق لمجلس النواب حتى مع عدم وجود حكومة، والظرف استثنائي".
فما صحة كلام بري حول دستورية جلسة الموازنة قبل جلسة نيل حكومة حسان دياب الثقة؟
تشير المادة 16من الدستور ان "تتولى السلطة المشترعة هیئة واحدة هي مجلس النواب".
وتتضمن المادة 69 من الدستور احكاما متعلقة باستقالة الحكومة وتنص في الفقرة الثالثة أنه "عند استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة، يُصبح مجلس النواب حكماً في دورة انعقاد استثنائية حتى تأليف حكومة جديدة ونيلها الثقة".
من هنا فان النص واضح حول الصلاحية التشريعية المطلقة لمجلس النواب في ظل استقالة الحكومة. وهذا ما أكده الخبير الدستوري ورئيس المجلس الدستوري السابق الدكتور عصام سليمان مشيراً الى أن "لا اجتهاد أو لبس بعد هذا النص، والمجلس بصلاحيات مطلقة للتشريع وغير مقيّد في ضوء حكومة تصريف أعمال، أما قرار تحديد موعد الجلسة فيعود لرئيس المجلس النيابي وهذه صلاحيته بحسب النظام الداخلي".
اما لناحية المهل الدستورية المتعلقة بمناقشة واقرار الموازنة فقد نصت المادة 83 من الدستور انه "كل سنة في بدء عقد تشرين الاول تقدم الحكومة لمجلس النواب موازنة شاملة نفقات الدولة ودخلها عن السنة القادمة ويقترع على الموازنة بندا بندا."
واضافت المادة 86 من الدستور انه اذا لم يتم الانتهاء من مناقشة الموازنة قبل الانتهاء من العقد العادي، يدعو رئيس الجمهورية بالتفاق مع رئيس الحكومة المجلس فورا لعقد استثنائي يستمر لغاية نهاية كانون الثاني لمتابعة درس الموازنة.
وبذلك يفسر الدكتور سليمان ان هناك عدة مسلمات تجعل من الجلسة دستورية بسبب المهل الدستورية لإقرار الموازنة قبل اخر شهر كانون الثاني، وثانيا لان الدولة لا يمكنها الصرف ضمن القاعدة "الاثني عشرية"، الا عن شهر كانون الثاني فقط كما تنص المادة 86 في فقرتها الاخيرة. كما أضاف ان على مجلس النواب الحفاظ على تسيير مرافق الدولة والانتظام العام، وهو ما يتطلب إقرار الموازنة قبل شهر كانون الثاني.
واكد سليمان أنّ النص الدستوري واضح بشأن المدة الزمنية للقاعدة الاستثنائية وعلى مجلس النواب الحفاظ على تسيير مرافق الدولة والإنتظام العام وهو ما يتطلب إقرار الموازنة قبل شهر كانون الثاني. ولكن حتى اليوم لم تقر الموازنة.
وكان المجلس الدستوري قد أصدر قرارا في العام 2018 ألغى بموجبه سبع مواد من قانون الموازنة، وأكد ان "اقرار الموازنة يجب ان يتم قبل نهاية كانون الثاني ولا يجوز الصرف وفق القاعدة الاثني عشرية".
اما لجهة دستورية جلسة اقرار الموازنة في غياب حكومة لديها ثقة المجلس، فان المادة 65 من الدستور اناطت بالسلطة الاجرائية اي الحكومة مجتمعة مناقشة مواضيع اساسية ضمنها الموازنة العامة وذلك باكثرية ثلثي اعضاء الحكومة.
فيكون رئيس مجلس الوزراء حسان دياب الذي حضر الجلسة التشريعية لمناقشة الموازنة، فاقدا للصفة الدستورية فيما يتعلق بقبول موازنة أعدتها حكومة سابقة ولا يمكن مساءلته امام مجلس النواب.
هذا ما أكده المحامي بطرس حرب لـ "مهارات نيوز" اذ اعتبر ان "جلسة اقرار الموازنة غير دستورية، لأن الدستور اللبناني لا يجيز مناقشة قانون الموازنة من دون وجود حكومة، ومع رئيس حكومة لا يملك صلاحيات. وبالتالي، لا يوجد شيء يبرر اقرار الموازنة بشكل متسرع قبل نيل الحكومة الثقة".
ولفت سليمان الى ان "تفسير النص الدستوري يجب ان يتم ضمن الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، خصوصا ان تفسير الدستور يجب ان يتم بما يحقق المصلحة العامة وهي اقرار الموازنة".
يذكر ان النائب سمير الجسر اعتبر خلال الجلسة التشريعية انها "غير دستورية"، داعيا الى استرداد الموازنة، حتى لا يتم رمي اي مشاكل ستواجه الحكومة الحالية على الحكومة السابقة".
اذا يبقى كلام بري حول شرعية جلسة مناقشة الموازنة خاضعاً لرأيين دستوريين مختلفين.