صحيح
عادت إلى الواجهة من جديد أزمة الانترنت غير الشرعي، بعد طرح وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم تسوية مع شركات الـ ISP أو مزودي خدمة الإنترنت، تمثّلت بدفع هذه الشركات بدل عن كل "ديك حيّ" وقدره 550,000 ألف ليرة لبنانية، بهدف وضع "ديوك الأحياء" أو موزعي الانترنت غير الشرعيين في الأحياء، تحت كنف الدولة، مع ضمان عدم انقطاع الخدمة التي يقدمونها وخصوصاً في المناطق النائية التي لا تبلغها شبكة الدولة.
فهل دفع موزعي الانترنت بدل 550,000 ألف ليرة لبنانية عن كل "ديك حيّ" غير شرعي إلى وزارة الاتصالات هي خطوة لشرعنتهم؟
يفرض المرسوم 9458 الصادر عام 2022 بمادته السادسة عشرة مكافحة وزارة الاتصالات موزعي الانترنت غير الشرعيين عبر تسوية أوضاعهم، وتنظيم عملهم تحت كنف الدولة لحين قوننتهم أو انتقالهم إلى شركات مرخّصة وفقاً للأصول، من خلال التعاقد مع الشبكات المضبوطة لثلاث سنوات مقابل بدل صيانة. وسمحت المادة 17 لشركات نقل المعلومات المرخص لها باستثمار الشبكات المضبوطة بعد موافقة وزارة الاتصالات.
ويؤكّد قانون الاتصالات 431 / 2002 على حصرية خدمات الاتصالات في المادة 15 التي تنص على أن "الترددات اللاسلكية ممتلكات عامة لا يجوز بيعها ويخضع تأجيرها أو الترخيص باستخدامها لأحكام القانون. وتتمتع الهيئة بسلطة حصرية لإدارة هذه الترددات وتوزيعها ومراقبة استخدامها" ويشير في المادة 44 إلى تأسيس شركة وطنية تسمى "شركة اتصالات لبنان" "Liban Telecom" تعنى بتوفير خدمات الاتصالات وفقًا لأحكام القانون.
وينص القانون 140 الرامي إلى صون الحق بسرية المخابرات التي تجرى بواسطة أيّة وسيلة من وسائل الاتصال على أن مبدأ سرية المخابرات مصون بموجب القانون وأنه لا يجوز التعرض له إلا بموجب نص صريح يحدد أصول وشروط التعرض لسرية المخابرات التي تتم بأية وسيلة من وسائل الاتصال (الاتصالات عبر الأجهزة الثابتة والخليوية أو الفاكس أو البريد الالكتروني...) وحصرها فقط بالدولة.
في هذا الإطار أشار مدير برنامج الإعلام في مؤسسة SMEX عبد قطايا في حديثٍ لـ"مهارات نيوز"، إلى أن محاربة الانترنت غير الشرعي يستوجب من الدولة خطوات أساسية وفعّالة تحدّ من وجودهم وتؤدي إلى تحويل المستخدمين منهم إلى خدمات الدولة، ولكن ما يحصل اليوم هو بشكلٍ أو بآخر شرعنة لهؤلاء الموزعين.
لهذا من أهم الخطوات التي يجب القيام بها هي:
"أوّلًا أن يتم تحسين شبكة الانترنت لدى أوجيرو مما يجعلها تقدّم أفضل وأسرع خدمات الانترنت في لبنان، وبالتالي ستجذب المواطنين بسبب تفوّق شبكتها وتقديمها أسعار تنافسية أقل بكثير من الموزعين غير الشرعيين.
ثانيًا وضع آلية واضحة لمكافحة موزعي الأحياء غير الشرعيين، لأن ما يتم التحدّت عنه اليوم، حول أخذ مبلغ 550.000 ليرة لبنانية من الموزع الكبير الأساسي عن كل موزع حي غير شرعي يزوده بالانترنت لبيعه بالتالي للمواطنين هو (طبخة) غير واضحة لن يدفع ثمنها سوى المواطن بسبب رفع فاتورة الانترنت بحجة دفع ضرائب إضافية للوزارة وهذا ما شهدناه في المرات السابقة والذي أدى إلى رفع فاتورة الانترنت على المواطنين.
ثالثًا، إن تطبيق القانون يفرض حصرية خدمات الاتصالات ومنها توزيع الانترنت للدولة وإن شرعنة هؤلاء الموزعين غير الشرعيين هو مخالفة واضحة للقانون".
وختم قطايا موضّحًا "في لبنان لطالما خلقت الدولة مساحة للخدمات غير الشرعية مثل المياه والكهرباء وأيضًا الانترنت" وأضاف أنه عندما كانت تملك الدولة اللبنانية أموالًا طائلة من الاتصالات، لم يُنجز من مشروع الفايبر أوبتك سوى 15 إلى 20 في المئة وصرف عليه 3 مليون دولار، أما شبكات الاتصالات استوفت منها الدولة أرباحًا كبيرة وصلت خلال 10 سنوات إلى ما يقارب الـ17 مليار دولار، تحوّل منها 11 مليار إلى خزينة الدولة وبقي منها 6 مليار، "فينا نفرش الصين فيهم انترنت! بين شبكات أرضية وخليوية، لهذا كان يجب أن تتم ملاحقة الموزعين غير الشرعيين منذ فترة طويلة، ولكن ليس على قاعدة فتح صفحة جديدة والتغاضي عن كل المخالفات ولكن وفق آليات واضحة وشفافة تضمن أيضًا الخصوصية والبيانات الشخصية".
إذًا، ما يتم تداوله حول شرعنة "ديوك الحيّ" أو موزعي الانترنت غير الشرعيين في الأحياء من خلال دفع بدل 550,000 ألف ليرة لبنانية من قبل شركات الإنترنت الكبرى صحيح، مما يضرب بعرض الحائط مبدأ حصرية الاتصالات بالدولة.