Loading...

قانون الطاقة المتجددة: أهدافه الإصلاحية تواجه العديد من التحديات

 

أقرّت لجنة المال والموازنة برئاسة النائب ابراهيم كنعان قانون الطاقة المتجددة الوارد بالمرسوم رقم 9000، وكان قد أشار كنعان سابقا إلى أنّ "أهميّة المشروع أنّه يهدف إلى تأمين 30% من حاجة لبنان من الطّاقة، بكلفة متدنّية وبإمكانيّة إنتاج أكبر من المعمول بها راهنًا".

 

ويعتبر هذا القانون الإصلاحي في مجال الطاقة أحد اهتمامات المجتمع الدولي والبنك الدولي، فقد توّسع إطار عمل إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار(3RF) ليصبح أكثر شمولية في ما يخص قطاع الكهرباء، إذ لم يعد يقتصر فقط على إتمام الإصلاحات المتوجبة، بل أصبح يعمل على نطاق شامل لكل ما يتعلّق بهذا القطاع، بما فيها الإصلاحات ليدخل إلى عمقه تقنيًا ويشمل متابعة الدراسات وخطط الطاقة المتجددة ومعامل الكهرباء وغيرها.

 

فما هي أهمية قانون الطاقة المتجددة؟ وما هي التحديات التي تواجه القانون؟

 

 

قانون مهم لإصلاح قطاع الكهرباء

لا شكّ أنّ إقرار قانون الطاقة المتجددة خطوة أساسية في إطار إصلاح قطاع الكهرباء في لبنان من خلال الاعتماد على الطاقة المتجددة، الأمر الذي يخفف من العبء على الشبكة العامّة للكهرباء وعلى كهرباء لبنان.

 

يشتمل القانون على تعزيز التعاون بين القطاع العام والقطاع الخاص من خلال نظام "التعداد الصافي" بجميع أشكاله، و"عقود شراء الطاقة بين الأقران" وبيع وشراء الكهرباء المتجددة من خلال اتفاقيات مباشرة لشراء الكهرباء.

 

ويقوم مفهوم "التعداد الصافي" على السماح لأي مواطن يستهلك الطاقة المتجددة، بضخّ فائض إنتاجه على شبكة كهرباء لبنان، ويأخذه منها عندما يكون هو بحاجة إليها. بهذا الشكل، يتبادل المواطن الكهرباء مع مؤسسة كهرباء لبنان، ويكون فارق هذا التبادل هو التعداد الصافي وهو الذي يسدّد ثمنه فقط.

 

أما مفهوم "شراء الطاقة بين الأقران" فهو مخصّص للقطاع  الخاص في ما بينه، إذ يقوم على الاستفادة من إنتاج الطاقة المتجددة بين المصانع أو المصانع والمنازل، من خلال ضخّ الكهرباء المنتَجة من الطاقة الشمسية في موقع بعيد، عبر استخدام الشبكة الوطنية لكهرباء لبنان.

 

وفي حديث لـ"مهارات نيوز"، يشير الباحث في مجال الطاقة في معهد عصام فارس مارك أيوب إلى أنّ قانون الطاقة المتجددة هو القانون الأول الذي يحاكي عمليا مسألة الاعتماد على الطاقة المتجددة فهو يسمح بإنتاج طاقة لحدود الـ10 ميغاوات من دون الحاجة إلى رخصة عكس القانون الساري المفعول رقم 462/2002 والذي يحدد الانتاج بـ1.5 ميغاوات.

 

ويضيف أيوب أنّ أهمية هذا القانون هو أنه قونن مشاريع الطاقة المتجددة في ما يخص تبادل الطاقة وبيع الطاقة للشبكة العامة(كهرباء لبنان) وسمح أيضا بالتبادل الطاقوي الخاص أي من دون المرور بالشبكة العامة بالإضافة إلى أنه يسمح بنقل الطاقة من منطقة إلى أخرى، أي يمكن لأي شخص إنتاج الطاقة في منطقة والاستفادة منها في منطقة أخرى.

 

ويؤكّد المهندس في المركز اللبناني لحفظ الطاقة(LCEC) هادي ابو موسى في مقابلة مع "مهارات نيوز" إنّ القانون يعزّز دور القطاع الخاص بإنتاج الطاقة المتجددة وبيعها للقطاع الخاص، الأمر الذي يساهم بتخفيف العبء على شبكة الكهرباء العامة بالإضافة إلى الفائدة البيئية من خلال اعتماد الطاقة النظيفة.

 

يذكر أنّ المركز اللبناني لحفظ الطاقة هو جمعية غير ربحية تابعة لوزارة الطاقة والمياه اللبنانية مع قانون مستقل ماليا وإداريا، ويعمل المركز كذراع تقنية للحكومة وتحديدا وزارة الطاقة في جميع القضايا المتعلقة لكفاءة الطاقة والطاقة المتجدّدة.

 

وفي مقابلة أجرتها جريدة "النهار" مع رئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان، أشار إلى أنّ أهمية المشروع أنه يفتح بابا ايجابيا للتعاون مع القطاع الخاص في لبنان عبر الشبكة العامة لكهرباء لبنان.

 

وأضاف كنعان "طالما أنّ لبنان يسير على سكة المشاريع الإصلاحية التي تشجّعها المؤسسات الدولية، يمكن القول أنّ هناك "إشارة حياة".والمؤسسات الدولية التمويلية المذكورة ستموّل هذا المشروع بما بين 50 إلى 200 مليون دولار للمستهلك اللبناني، بمشاريع صغيرة تصل إلى كلّ القرى والبلدات".

 

يذكر أنّه وفي سياق بدء اعتماد لبنان على الطاقة المتجددة، كان قد وقّع وزير الطاقة وليد فياض  بتاريخ 5 أيار 2023 عقود شراء الطاقة مع ممثلي 11 شركة من القطاع الخاص لبناء محطات إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وذلك بناء على تفويض من قبل مجلس الوزراء رقم 34 بتاريخ 12/5/2022.

 

وبحسب هذه العقود، تقوم الشركات الخاصة ببناء 11 محطة شمسية لإنتاج الكهرباء بقدرة 15 ميغاوات لكل محطة ويتم ربط الإنتاج على شبكة مؤسسة كهرباء لبنان وبيعه للمؤسسة.

 

في هذا الإطار، يؤكد المهندس هادي ابو موسى أنّ مثل هذه الخطوات العملية تساهم بشكل كبير في تحقيق الهدف المرجو من قانون الطاقة المتجددة بالوصول إلى 30% طاقة متجددة في العام 2030.

 

أي أنّ أهمية قانون الطاقة المتجددة الذي تمّ إقراره في لجنة المال والموازنة هو أنّه يشكّل قاعدة أو أساس لفتح باب الاستثمار أمام القطاع الخاص الأمر الذي يساهم بتأمين طاقة نظيفة وبتخفيف العبء على الشبكة العامة.

 

تحديّات تقنية وسياسية تقف بوجه القانون

في ظلّ الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعاني منها البلد، والانهيار الكبير الذي يطال جميع قطاعات الدولة الأمر الذي ينعكس يوميا على المواطن اللبناني، لا بدّ من النظر إلى التحديات السياسية والتقنية التي تواجه تطبيق قانون الطاقة المتجددة باتجاه إصلاح قطاع الكهرباء والوصول إلى حلول مستدامة.

 

في هذا الإطار يقول المهندس هادي ابو موسى إنّ أهمية القانون أنّه يشكّل أرضية للوصول إلى هداف تأمين 30% طاقة نظيفة من حاجة لبنان من الطاقة بحلول العام 2030، لكن الأزمة المالية اليوم تقف كعقبة أساسية أمام هذه المشاريع.

 

ويشدّد الباحث في مجال الطاقة في معهد عصام فارس مارك أيوب على أن تطبيق القانون مرتبط بوجود شبكة عامة(كهرباء لبنان) قادرة على القيام بدورها باستقبال ونقل الطاقة من دون خسائر، فهي تشكّل العامود الفقري للقانون بالإضافة إلى ضرورة وجود هيئة ناظمة تضع رؤية واضحة للإطار العملي للقانون.

 

وفي إطار التحديات، يشير أمين سر الجمعية اللبنانية للطاقة الشمسية يوسف غنطوس إلى أنّ التحدي الآخر يتمثّل في المراسيم التطبيقية والإطار المطلوب لتطبيق هذا القانون، بالإضافة إلى عدد من العقبات الإدارية الأخرى المرهونة بالقضايا السياسية، مشيرًا إلى أن السياسة في لبنان دائمًا ما تؤدي دورًا في التأثير بالقضايا الاقتصادية والإدارية.

 

إطار إقرار القانون

في العام 2010، وافق مجلس الوزراء على على ورقة سياسة قطاع الكهرباء والتي حدّدت الخطوات اللازمة لإصلاح هذا القطاع في لبنان.

 

ومع العجز الذي عانى ولا يزال يعاني منه قطاع الكهرباء حتى اليوم، حدّثت وزارة الطاقة ورقة سياسة قطاع الكهرباء عام 2019  وعملت الوزارة على تيويم ورقة سياسة قطاع الكهرباء بالتعاون مع البنك الدولي، واضعةً أمامها هدفين أساسيين هما خفض العجز المالي للمؤسّسة وتحسين التغذية الكهربائيّة.

 

وقد ذكرت الوزارة في الورقة أنّه يتم العمل حاليا بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة على خطة عمل جديدة للمرحلتين  القادمتين بحيث يتم  تحديد المزيج الأمثل لمختلف تقنيات الطاقة المتجددة من أجل تحقيق الهدف بإنتاج نسبة 30% من الكهرباء المستهلكة في العام 2030 من الطاقة المتجددة.

 

وقد فصّلت الورقة المخطّط بشكل سنوي وفق ما يوضح الرسم البياني التالي

 

وفي إطار العمل على مشاريع الطاقة المتجددة كجزء من هذه الورقة، لفت وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض خلال حفل تدشين تركيب النظام الشمسي في شركة كابلات لبنان بتاريخ 30 أيار 2023 إلى أنّ "الوزارة قد أصّرت على تضمين الخطة الوطنية للطاقة المتجددة  كل الأهداف التي كانت اقترحتها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "IRENA" للعام 2030". 

 

ومن خلال الدراسة التي أجرتها الوكالة بالتعاون مع وزارة الطاقة في شهر حزيران من العام 2020، تبيّن أن لبنان واعتمادا على خططه الموجودة يمكنه بواقعية تأمين 30% من الطاقة من مصادر الطاقة المتجدّدة بحلول عام 2030. 

 

ولكن الأمر يعتمد على التطبيق والممارسات لتسريع هذه العملية وصولا إلى تحقيق هذه الغاية، لذلك أوصت الوكالة بسبع إجراءات لتسريع عملية اعتماد لبنان على الطاقة المتجدّدة وهي: 

 

  • تنفيذ تشريعات أكثر استقرارًا وتكاملًا لنشر الطاقة المتجددة وتسهيل تطوير مشاريع الطاقة المتجدّدة وضمان الوصول إلى الشبكة بالإضافة إلى توفير الاستقرار السياسي.

  • تنفيذ إجراءات محددة لتشجيع استخدام أنظمة الطاقة المتجددة على نطاق صغير من خلال إجراءات مبسطة وحوافز وآليات دعم.

  • تحديد أهداف لتقنيات مثل الطاقة الشمسية والرياح والطاقة الحرارية، وتخصيص جهود وتحفيز لتطويرها واستخدامها.

  • توفير الأدوات اللازمة لتركيب أنظمة التدفئة والتبريد.

  • تعزيز الإطار السوقي الحالي في لبنان لجذب المزيد من الاستثمارات في الطاقة المتجددة وضمان قابلية تمويل المشاريع.

  • تعزيز الشبكة الكهربائية وإجراء تقييمات تأثير الشبكة.

  • ضمان توفر التمويل وتعزيز دور القطاع الخاص.

 

إذا وبانتظار إقرار قانون الطاقة المتجددة من قبل الهيئة العامّة لمجلس النواب، لا شكّ أنّ القانون يشكّل خطوة أساسية في إطار إصلاح قطاع الكهرباء، بالإضافة إلى انعكاساته الإيجابية على الاقتصاد وعلى البيئة كونه يعتمد على الطاقة النظيفة، ولكن وبالمقابل يواجه القانون العديد من التحديات والعقبات السياسية والتقنية، ليكون تنفيذ القانون مرهون بالإرادة السياسية بالإصلاح.

 

TAG : ,قانون الطاقة المتجددة ,الطاقة الشمسية ,الطاقة الهوائية ,الطاقة المتجددة ,كهرباء لبنان ,المركز اللبناني لحفظ الطاقة ,وزارة الطاقة والمياه