غير صحيح
تغرق طرقات لبنان في كل مرة تتساقط فيها أمطار غزيرة وتتحول إلى أنهار، فتتعرقل حركة السير ويعلق مئات المواطنين في سياراتهم لساعات. في كل مرّة يلوم المواطنون وزارة الأشغال على حال الطرقات ويتهمونها بالتقصير وعدم القيام بواجباتها قبل بدء موسم الأمطار.
فهل من مسؤولية وزارة الأشغال العامة والنقل وحدها تنظيف الطرقات ومجاري المياه قبل بداية فصل الشتاء؟
أطلق وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية منذ بداية تشرين الأول 2022، ورشة أشغال بخطوةٍ استباقية استعدادًا لفصل الشتاء، عبر توسيع مجاري الأنهر الرئيسية ومنها مجرى نهر الغدير الذي يشهد سنويًا طوافانًا كبيرًا، ومصبات الأنهار في البحر، وتنظيف مجاري مياه الأمطار على الأوتوسترادات في كل من منطقة جونية، وخلدة وانطلياس.
لكن هذه الخطوة لم تسهم في تغيير المشهد الذي اعتاد عليه اللبنانيون منذ سنوات، إذ عادت وشهدت الطرقات اللبنانية سيولاً كبيرة وعلق مئات اللبنانيين في سياراتهم عند تساقط الأمطار بغزارة لأول مرة، فمن المسؤول عن هذه الظاهرة المتكررة كل عام؟
تؤكد المستشارة الإعلامية لوزير الأشغال العامة والنقل جهاد عشي لـ"مهارات نيوز" أن الوزارة تقوم بواجباتها على أكمل وجه، لافتًا إلى أن عمال الوزارة "يلازمون الطرقات ليلًا ونهارًا لتنظيفها، وتعمل الوزارة منذ مدة على تنظيف الطرقات استعدادًا للشتاء، لكن هناك جهات أخرى تقع على عاتقها مسؤولية ما يحدث".
ويوضح المدير العام للطرقات والمباني في الوزارة طانيوس بولس في حديثٍ لـ"مهارات نيوز" أنه "تقع على وزارة الأشغال مسؤولية متابعة حال الطرقات الرئيسية كالأوتوسترادات، أما الطرقات المؤاتية لها وداخل المناطق فهي خارجة عن مسؤوليتنا وتقع ضمن مسؤولية البلديات".
ويرى أن المسؤولية في هذا الملف تتشاركها أطراف عدة، الدولة والبلديات والشركات والمواطنين. وأعاد سبب غرق الطرقات كل سنة في فصل الشتاء إلى ثلاثة عوامل أساسية، أولها عدم رفع النفايات في الوقت المناسب من قبل الشركات ما يؤدي إلى غرق الطرقات، إذ تنجرف إلى مجاري المياه وتؤدي إلى انسدادها وبالتالي تجمّع المياه على الأوتوسترادات وغرقها.
ويرتبط العامل الثاني بالتغير المناخي الذي يشهده لبنان كسائر الدول حول العالم. ويشرح بولس "لم يكن من المتوقع أن نشهد هطول الأمطار بكثافة كبيرة في منطقة واحدة تصل من 20 إلى 30 ملمتر في 10 دقائق إلى ربع ساعة، بينما لم تهطل الأمطار مطلقًا في مناطق أخرى، ما أدى إلى سيول كبيرة جرفت معها كل الأتربة والأوساخ ودفعتها نحو الاتوسترادات بما يفوق قدرة مجاري تصريف المياه على احتوائها". وأدى ذلك إلى غرق شوارع بأكملها على غرار ما جرى في منطقة جونية قبل قرابة شهر.
ويرتبط العامل الثالث، وفق بولس، "بغياب وجود استراتيجية تحد من عملية البناء العشوائي للمشاريع السكنية، وهو ما يفاقم الوضع سوءًا سنويًا"، إذ لم يترافق بناء المشاريع السكنية المؤاتية للطرقات الرئيسية مع شبكات تصريف خاصة بها، ولم يعد هناك من مساحات خضراء تمتص مياه الأمطار لتساعد على تخفيف ضغط المياه الأمطار على مجاري الصرف.
ويقول بولس إن "غياب القانون والسلطة والدولة يؤدي إلى هذه النتيجة، إذ يجب ملاحقة الأشخاص المخالفين وهذا الأمر لا يحصل، ما يفاقم الوضع سوءًا".
إذًا، ما يتم تداوله غير صحيح، إذ أن وزار ة الأشغال العامة والنقل تقوم، ضمن الإمكانيات المتاحة لها، بتنظيف الطرقات الرئيسية، إلا أن ذلك غير كاف ما لم تضطلع الأطراف المعنية من بلديات وشركات وحتى مواطنين بواجباتهم.