Loading...
true

صحيح

طابع مالي
هل تحلّ الطوابع الالكترونية أزمة الطوابع؟
21/05/2024

يعاني لبنان جرّاء الأزمة المالية المتفاقمة من أزمة فقدان الطوابع المالية، مما أدّى إلى توقّف أو تعثّر معاملات المواطنين داخل الإدارات العامّة، الأمر الذي فتح الباب أمام بيع الطوابع في السوق السوداء بأسعار مرتفعة جدا. 

وقد التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بوفد من ديوان المحاسبة بتاريخ 14 أيّار 2024، وقالت القاضية نيللي أبي يونس بعد اللقاء: "لقد وضعنا تقريرا  خاصا يتعلق بأزمة فقدان الطوابع من السوق، وعددنا المشاكل التي حصلت، فلقد استغل البعض عدم توفر اعتمادات وزارة المالية لطباعة كميات كافية من الطوابع الورقية  واحتكارهم للطوابع الموجودة وبيعها بأضعاف سعرها. قمنا بتعداد المشاكل ووضعنا توصيات وطلبنا إطلاق مناقصة لتلزيم الطابع الإلكتروني كونه الحل الجذري للموضوع".

 

فهل تحلّ الطوابع الإلكترونية أزمة الطوابع؟

 

يعتبر الطابع المالي، وسيلة لتسديد رسوم وضرائب تفرضها الدولة، وتختلف قيمة هذا الطابع المالي بحسب المعاملة التي يقوم بإجرائها المواطن، ومع أزمة فقدان الطوابع المالية نشطت السوق السوداء، فبالإضافة إلى صعوبة وجود هذه الطوابع، من الممكن أن يحصل المواطن على طابع الـ5000 ليرة بسعر يصل إلى 300 ألف ليرة في السوق السوداء.

سابقا، كان يتمّ تسديد رسم الطابع المالي عبر اللصق بحسب ما نصّت عليه المادة 20 من المرسوم الاشتراعي رقم 67 تاريخ 5/8/1967، ولم يأت المرسوم على ذكر وسيلة لتسديد الطابع غير عملية اللصق.

وعلى إثر هذه الأزمة، تمّ ذكر مصطلح الطابع الالكتروني (e-stamp) لأول مرّة في لبنان في موازنة العام 2021، عبر تعديل المادة 20 من المرسوم الاشتراعي رقم 67 تاريخ 5/8/1967 والمخصّصة لطريقة تأدية أو دفع رسم الطابع المالي عبر تضمين المادة نقطة حول "تأدية رسم الطابع المالي  بموجب طابع الكتروني stamp-e وفقا للطرق والآليات التي تعتمدها وزارة المالية.

وعلى الرغم من إقرار تعديل المرسوم الاشتراعي 67 وتضمينه القدرة على تسديد الرسم بواسطة طابع الكتروني وفق آليات تحددها وزارة المالية، إلاّ أنه وإلى اليوم لم يتم  إقرار الطابع الالكتروني. 

لا شكّ أن المكننة اليوم أصبحت مطلوبة في كل القطاعات، ووقد صرّح مدير الخزينة في وزارة المالية لجريدة "نداء الوطن" اسكندر الحلاّق أنّ "حسنات الطابع الإلكتروني هي عدّة وابرزها سهولة وسرعة شرائه اذ يتمّ من خلال الهاتف الخلوي الذكي من خلال رمز الـ Qr code عبر ماكينات شبيهة بالـPOS الموصولة بنظام وزارة المالية، تماماً كما اشتراكات الإنترنت التي تسدّد فواتيرها من خلال بطاقات الإئتمان، وكل ذلك سيحصل بعد التواصل مع وزارة الإتصالات و"أوجيرو" لربطها بالنظام الخاص بالطوابع الذي ستستحدثه وزارة المالية".

في هذا الإطار، صرّح الخبير الاقتصادي وعميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا بيار الخوري لـ"مهارات نيوز" أنّ "الطوابع الالكترونية  تحسّن الكفاءة بحيث يسمح الطابع الإلكتروني بتسهيل الإجراءات الإدارية وتقليل الوقت اللازم لإتمام المعاملات الحكومية، حيث يمكن الحصول عليه واستخدامه بشكل فوري عبر المعاملات".

وفي ظلّ انتشار ظاهرة السوق السوداء مع ما تحمله من أعباء مالية على المواطن اللبناني خلال عملية شراء الطوابع،  يساعد الطابع الإلكتروني في تقليل فرص الغش والتلاعب بالطوابع الورقية. فمن خلال تتبع المعاملات الإلكترونية بدقة، بما يستحيل على الأفراد بيع الطوابع بأسعار غير واقعية في السوق السوداء، مما يعدم هذه الظاهرة، بحسب ما أشار إليه الخوري.

أي أنّ الطوابع الالكترونية تزيد من الشفافية والدقّة، بالإضافة إلى ذلك يسمح اعتماد الطوابع الالكترونية بحسب المحامي كريم ضاهر بإحصاء الطوابع المستعملة فعلياً. لأنه في الطوابع الورقية، يمكن للبائع الادعاء بأنّ بعض الأوراق تُلفت، وفي واقع الأمر يكون قد باعها. هذا الأمر غير وارد في الطوابع الإلكترونية.

 

الطوابع الالكترونية: لم تطبّق إلى اليوم

 أصدرت وزارة المالية مؤخّرا القرار رقم 212/1 بتاريخ 21 آذار 2024، والذي يقضي بتأليف لجنة من مدير الواردات ومدير الخزينة في وزارة المالية ومدير الشؤون الإدارية، ورئيس دائرة الدراسات القانونية ومدير من المركز الإلكتروني، ورئيسة محاسبة في مديرية الشؤون الإدارية، مهمّتها إعداد دفتر الشروط الخاص بتلزيم الطابع الإلكتروني E-stamp على ان تعدّ تقريرها خلال 10 أيّام، ليصار بعدها الى اتباع المسار القانوني وإطلاق المناقصة.

ويطرح التأخير في اعتماد الطوابع الالكترونية العديد من الشكوك، إذ يقول  الخبير الاقتصادي بيار الخوري إنّ "التأخير في بدء المناقصات  يُعزى بشكل أساسي إلى المقاومة من قبل الأطراف التي تستفيد من النظام الحالي(الطوابع الورقية) وقد تخشى خسارة مصالحها".

ولشرح هذه النقطة، تنصّ  المادة 24 من المرسوم الاشتراعي،على أن يستفيد الباعة المجازين من جعالة(نسبة) قدرها 5% من من قيمة الطوابع المباعة تحسم لهم سلفا من اصل الطوابع المسلمة اليهم، لذا قد يؤثّر اعتماد الطوابع الالكترونية على مصالح الباعة المجازين.

 لكن ومع إقرار موازنة العام 2024 وتعديل المادة 21 من المرسوم الاشتراعي تمّ ضمان حقوق باعة الطوابع الورقية عبر نسبة من قيمة الجعالة التي يحصل عليها باعة الطوابع الرقمية لمدة 5 سنوات، وتحدد الإجرءات المناسبة بقرار صادر عن وزير المالية.

أي أنّ معضلة الباعة المجازين ومصيرهم، تمّ الإجابة عنها لتبقى المسؤولية على وزارة المالية والحكومة بإعداد دفاتر الشروط وإطلاق المناقصات للبدء في اعتماد الطوابع الالكترونية. في هذا الإطار يؤكّد مدير الخزينة في وزارة المالية اسكندر الحلاق أنّه "طالما هناك توافق من المسؤولين على السير به، ومع بدء إعداد دفتر الشروط من اللجنة المشكّلة لمتابعة ملفّ الطابع الإلكتروني وإطلاق المناقصة بعدها، فمن المرجّح ان يبدأ العمل بهذا الطابع قبل نهاية العام".

يذكر أنّ عائدات  الدولة من رسم الطابع بحسب ما قدّرته موازنة العام 2024 يصل إلى 11,253 مليار ليرة (125.7 مليون دولار)، الأمر الذي يحتّم التعاطي بجديّة في إطار مكننة القطاع نحو موارد مستدامة تساهم في وضع لبنان على سكة التعافي الاقتصادي.

 

إذًا ما تمّ ذكره صحيح لناحية أن اعتماد الطوابع الالكترونية يشكّل حلا جذريا لأزمة فقدان الطوابع بالإضافة إلى أنّه ينهي ظاهرة السوق السوداء ويؤمّن عائدات مالية كبيرة ومستدامة للدولة اللبنانية.