صحيح جزئياً
أعلن وزير الخارجية عبد الله بو حبيب خلال مؤتمر دعم مستقبل سوريا والمنطقة المنعقد في بروكسل، في 11 أيار 2022 أن "النازحين السوريين المقيمين في لبنان يكلفون 3 مليارات دولار سنويًا لبلد الأرز المتأثر بالأزمة الاقتصادية".
وأكّد بو جبيب أنّ " النازحين السوريين في لبنان قد كلفوا لبنان حوالي 33 مليار دولار خلال 11 عامًا، منذ بداية الحرب الأهلية السورية"، معتبرا أن معظم النازحين السوريين ليسوا نازحين سياسيين بل اقتصاديين.
وأضاف بو حبيب أن "في لبنان يقيم ,حوالي ١.٥ مليون نازح سوريًا حاليًا بالإضافة إلى أقل من نصف مليون فلسطيني، وهو ما يمثل حوالي ثلث عدد السكان اللبنانيين المقيمين."
فما هي كلفة النزوح السوري على لبنان؟
كلفة النزوح
أشار الخبير الاقتصادي عماد عكوش، في 5 نيسان 2022، الى أن "الكلفة الاقتصادية للنزوح السوري على لبنان كبيرة جدا وتقدر بحوالي 2 مليار دولار سنويًا، أي 22 مليار دولار في السنوات الـ11 الماضية، وهو رقم ضخم جدا بالنسبة لبلد صغير مثل لبنان".
ومن جهته، أكّد رئيس حكومة تصريف الأعمال السابق حسان دياب خلال مؤتمر بروكسل الافتراضي الخامس حول «دعم مستقبل سوريا والمنطقة»، أن كلفة النزوح السوري على الاقتصاد اللبناني بلغت نحو 46.5 مليار دولار حسب تقديرات وزارة الماليّة للفترة الممتدّة بين عاميْ 2011 و2018.
وبدوره، أعلن حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة خلال مؤتمر عقد في فندق “فينيسيا انتركونتيننتال” في 10 حزيران 2014 أن "اللاجئين السوريين الذين يستضيفهم لبنان يشكلون عبئا كبيرا على الاقتصاد كلفته المباشرة على الدولة اللبنانية مليار دولار، وغير المباشرة ثلاثة مليارات ونصف مليار، بحسب ما بينت دراسة أعدها البنك الدولي".
وقال سلامة إن البنك الدولي قام بدراسة بينت ان هناك كلفة مباشرة للنزوح السوري على الدولة اللبنانية بحدود مليار دولار في السنة وتكلفة غير مباشرة تصل الى ثلاثة مليارات ونصف مليار دولار. أي 4.5 مليار دولار كمجموع كلفة النزوح السوري السنوية على خزينة الدولة اللبنانية.
وقدّر البنك الدولي في العام 2013 وبالتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، الخسائر المترتّبة على الاقتصاد اللبناني من جراء الحرب في سوريا وتدفّق النازحين السوريين إلى الأراضي اللبنانية، بما يقارب الـ 7,5 مليارات دولار، وذلك للفترة الممتدة بين 2011 و 2014.
وقدّرت خسارة الموازنة 5.1 مليار دولار منها: 1.1 مليار كلفة خدمات صحية وتعليمية وإعانات أخرى للنازحين، و2.5 مليار زيادة في استثمار رأس المال الثابت للمحافظة على مستوى الخدمات كما كانت في 2011، و1.5 مليار نقص في عائدات الحكومة الناتجة من ضعف الاقتصاد اللبناني.
وفي التقرير، أظهر البنك أن لبنان يحتاج إلى 2.85 مليار دولار لاستيعاب النازحين وإعادة الخدمات لمستوى عام 2011. منها: 159 مليون دولار من أجل متابعة الأمراض المزمنة والمستعصية،54 مليون دولار لترميم المدارس وتجهيزها وتحسين مستوى التعليم، 31 مليون لتوفير فرص عمل للأحداث ووضع مشاريع بنى تحتية، 190 مليون دولار لمعالجة النفايات الصلبة. وتؤكد أوساط المؤسسات الإغاثية أن وجود 50% من العائلات النازحة هدفها فقط الاستفادة من المساعدات.
تأثير النزوح السوري على الاقتصاد اللبناني
أوضح الخبير الاقتصادي ومستشار لجنة المال والموازنة السابق غازي وزني، في حديث لمجلة «الجيش» عدد ٣٤٢ كانون الأول 2013، أن ملف النازحين حيوي ويحمل تبعات اقتصادية وإنسانية وأمنية، وهو معرّض للتفاقم في المرحلة القادمة بسبب الزيادة المضطردة في عدد النازحين الذي يرتفع شهريًا بمعدل 150 ألف نازح تقريبًا"، متوقعًا حينها أن يصل العدد في نهاية العام 2013 إلى مليون ونصف نازح تقريبًا، يضاف إليهم العام 2014 نحو مليون نازح.
وأشار وزني إلى أن لملف النازحين كلفة إقتصادية ومالية قدّرها البنك الدولي بـ7.5 مليار دولار، وهذه الكلفة تطال الوضع الاقتصادي والمالية العامة والبنية التحتية.
ومن الناحية الاقتصادية، ألحق ملف النازحين السوريين العديد من الأضرار: أولا يتمثّل الضرر في خسارة النمو الاقتصادي خلال العامين 2013-2014 حوالى 5.8 في المئة من الناتج المحلي، أي ما قيمته 2.5 في المئة. وتطال هذه الخسارة بالدرجة الأولى القطاع السياحي، الذي تراجع خلال الأعوام الأخيرة أكثر من 30 في المئة، ويتوقّع أن يتراجع في العام الحالي 14 في المئة، مما يعني أن لبنان يكون قد خسر أكثر من 800 ألف سائح، أي بخسارة مداخيل تفوق المليارين والنصف مليار دولار.
أما الضرر الثاني فيطال القطاع التجاري، الذي من المتوقّع أن تتراجع مبيعاته في العام الحالي إلى نحو 30 في المئة، مع زيادة مشكلات المؤسـسات التجارية ماليًا، وعدم قدرتها على سداد التزاماتها، مما يهدّد بإقفال العديد منها. والضرر الثالث، يطال الحركة الإستثمارية، مع الشلل الواضح في القطاع العقاري من خلال تراجع مبيعاته في العام الحالي، وتراجع مساحات البناء حوالي 13 في المئة. إضافة إلى ذلك، فمن المتوقع أن تتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في هذه السنة أكثر من 20 في المئة".
وقال الخبير الاقتصادي عماد عكوش إن "النزوح السوري يؤثر سلبًا على مختلف القطاعات في لبنان، وعلى رأسها البنى التحتية"، موضحًا أن "البنى التحتية في لبنان مبنية على أساس عدد سكان محدد وهي لا تحتمل أكثر من مليون شخص إضافي".
وأضاف: "في ملف النفايات على سبيل المثال، فإن الدولة تلّزم شركات لجمع النفايات وتدفع كلفتها بالطن، وبالتالي الكميات الاضافية تضاف الى التكلفة التي تتكبدها الدولة"، مبينَا أن "قطاعي الطاقة والمياه تأثرا سلبا نتيجة النزوح السوري، فالنازحون يستهلكون الكهرباء دون دفع أي ليرة للدولة، وكذلك في موضوع المياه التي نعاني من شحها أساسا، وبالتالي يلجأ اللبناني الى القطاع الخاص لشراء المياه ويتكبد خسارة إضافية".
وتطرّق عكوش في الحديث نفسه الى مسألة السلع المدعومة في الأعوام الماضية، مشيرًا الى أن "النازح السوري كان شريكا في استهلاك هذه المواد، وهو لا يزال مستفيدا في موضوع الطحين والدواء، وبالتالي كل هذه الأموال هي احتياطات مصرف لبنان بالعملات الصعبة".
وتابع عكوش للنشرة، أنّ هناك ضرر يلحق أيضا بقطاعي التعليم والاستشفاء، فالبرغم من المساعدات التي يدفعها المجتمع الدولي على التعليم والطبابة للنازحين الا ان استنزاف البنى التحتية في المدارس والمستشفيات الحكومية يكلف خزينة الدولة اللبنانية.
إذا، ما صرّح به وزير الخارجية عبدالله بو حبيب صحيح جزئيا، إذا إنّه مما لا شكّ فيه أن تكلفة النزوح السوري السنوية تتراوح بين 3 و 5 مليار دولار، إلّا أن الرقم الذي طرحه بو حبيب(3 مليار دولار) لا يتطابق كليا مع الأرقام الأخرى لا سيما أرقام البنك الدولي.
تم انتاح هذا المحتوى بالشراكة بين مؤسسة "مهارات" وبرنامج تشِك غلوبال - نوى ميديا.