Loading...
false

غير صحيح

Doc P 1103569 638293214313321172
هل فعلًا تمّ إقرار موازنة العام 2024 بـ "صفر" عجز؟
26/07/2024

عاد الحديث في الأيام الماضية عن موازنة العام 2024، على خلفية الجلسة التي عقدتها لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه عند الساعة العاشرة من قبل ظهر يوم الإثنين الواقع فيه 22/7/2024، برئاسة رئيس اللجنة النائب سجيع عطية، لبحث مسألة الفيول العراقي وأسباب توقف الكهرباء، والتي إتضح بنتيجتها أن كلفة الفيول العراقي غير ملحوظة في الموازنة، والدولة لديها مشكلة في الدفع، على الرغم من أن رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان كان قد أعلن سابقاً أنها أُقرت بـ "صفر" عجز.

وفي هذا الإطار نشر الخبير الإقتصادي منير يونس عبر حسابه على منصة  إكس معلقاً "أن الموازنة التي أقرت بـ "صفر" عجز، هي كذبة كبيرة".

 

فهل فعلاً تمّ إقرار موازنة العام 2024 بـ "صفر" عجز؟

 

أقرّ مجلس النواب اللبناني، في 26 يناير/ كانون ثاني الماضي مشروع قانون الموازنة لعام 2024 بعد إدخال تعديلات عليه. وتوقعت الموازنة، زيادة كبيرة في إيرادات الدولة المكتسبة من خلال ضريبة القيمة المضافة والرسوم الجمركية. وقال رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان حينها "توصّلنا من جراء رقابتنا البرلمانية إلى صفر عجز بالموازنة وفائض متواضع في الخزينة (13 ألف مليار ليرة)، ولكن ليس عجز الدولة الذي يحتاج اليوم إلى معالجة الدين العام وإعادة الهيكلة في القطاع المصرفي والقطاع العام والتوقف عن مخالفات سلفات الخزينة".

 

وقد أسفر درس مشروع قانون موازنة العام 2024 عن إلغاء 46 مادة، وتعديل 73 مادة وإقرار 14 مادة كما وردت، وإضافة 8 مواد. على صعيد الإلغاء، منها ما يتعلق بإستحداث ضرائب ورسوم جديدة. وعلى صعيد التعديلات، فقد تناول تعديل النص المتعلق بإجازة الإقتراض وحصرها بالعجز المقدر في الموازنة لأن هذه الإجازة، قبل تعديل سقف الاقتراض، كانت تكلف الخزينة ما لا يقل عن ألف مليار ليرة من فوائد على سندات خزينة لا حاجة لإصدارها.

 

أما بالنسبة إلى الإضافات التي أدخلتها لجنة المال والموازنة، فتُعتبر إضافة مادة تقضي بحظر إعطاء سلفات خزينة خلافاً لأحكام قانون المحاسبة العمومية التي ترعى إعطاءها، وتحميل المخالف تسديد السلفات بأمواله الخاصة وإحالته على القضاء المختص، إنجازاً على صعيد الحدّ من الإنفاق بواسطة سلفات الخزينة خلافاً لأحكام قانون المحاسبة العمومية، بعدما استفحل هذا الإنفاق خلال العام 2023، إذ بلغت قيمة سلفات الخزينة التي أفادت وزارة المال خطياً عن إعطائها 31.892 مليار ليرة، في حين أفاد رئيس الحكومة خلال إنعقاد الهيئة العامة أنها بلغت أكثر من 90 ألف مليار ليرة، أي ما يعادل 225% إمكانية الإنفاق المتاحة خلال العام 2023 على أساس القاعدة الإثنتي عشرية.
 

هذا التفاؤل بزيادة قيمة الإيرادات وتخفيض النفقات وإيقاف السلف لتحقيق هدف الصفر عجز في الموازنة، بدا أنه يتبدد مع إعلان النائب سجيع عطية خلال جلسة للجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه عقدت عند الساعة العاشرة من قبل ظهر يوم الإثنين الواقع فيه 22/7/2024، أن الدولة اليوم لديها مشكلة في دفع ثمن الفيول العراقي، إذ أن الدولة ملزمة بدفعه من حساب مصرف لبنان لصالح البنك المركزي العراقي. إذ أن المبلغ كبير ويوازي نصف موازنة الدولة اللبنانية، وهذا المبلغ يُدفع من حساب مصرف لبنان وهو دين على الدولة اللبنانية. 

 

وهو ما أعاد تأكيده النائب إبراهيم منيمنة بعد الجلسة لافتاً إلى أن "كلفة الفيول العراقي غير محتسبة من ضمن تعرفة 11 أو 24 سنت للكيلووات ساعة وأن مؤسسة كهرباء لبنان قد أعدت فقط اليوم دراسة عن إستعادة كلفة هذا الفيول حتى سنة 2028 أي ما يعرف بـ Cost Recovery. وبالتالي فإن كلفة الفيول العراقي أيضاً غير ملحوظة في الموازنة، حيث أن تمويل مليون ونصف طن فيول غير متوفرة ولا قدرة على إستردادها من الجباية الحالية، إلا إذا رُفعت التعرفة الى 35 سنت!".

 

وأضاف منيمنة "هناك تخبط بين محاولة تخبئة العجز في الموازنة العامة وتثبيت سعر الصرف وتجاهل نفقات حقيقية وثابتة، نطالب بشفافية تامة من وزارة المالية ومصرف لبنان في إحتساب ثمن الفيول ضمن الأطر القانونية والموازنة".

 

في السياق لفتت مسؤولة برامج التدريب في المعهد المالي - معهد باسل فليحان المالي والإقتصادي، مايا بصيبص، في حديثٍ لـ"مهارات نيوز"، إلى أن "الموازنة بالشكل أُقرت بـ "صفر" عجز ولكن تطبيق ذلك صعب، لم تتبن أي جهة بعد قرار إعطاء السلفة لا مجلس الوزراء ولا وزارة المالية، لا سيما وأن مؤسسة كهرباء لبنان لم تتبن بعد القدرة على تغطية نفقات الفيول ضمن موازنتها. وبالتالي، أي قرار بسلفة هو إضافة على الإنفاق وبطبيعة الحال العجز لن يبقى صفراً".

 

الخبير الإقتصادي الدكتور إيلي يشوعي، شرح في حديثٍ لـ"مهارات نيوز"، أن "الموازنة  قبل الإنهيار كانت بـ 18 مليار دولار والآن أصبحت موازنتنا بـ 3.3 مليار دولار وأصبح الناتج الصافي المحلي حوالي العشرة مليارات، ولدينا حوالي مليار دولار ونصف صادرات والقليل من الإستيراد لسدّ حاجاتنا يتم تمويله من تحويلات تأتي من الخارج. وبالتالي فإن صفر عجز هو كلام فارغ لا قيمة علمية له خصوصاً في دولة مثل لبنان".  

 

في المقابل أشار الباحث في الشؤون الإقتصادية والمصرفية محمد فحيلي، في حديثٍ لـ"مهارات نيوز"، إلى أنه "بالنسبة لقانون موازنة العام 2024 كونها لم تلحظ الدين العام بشقه اللبناني وبشقه بالعملة الأجنبية، ولم تعترف بأنها أخذت قرار بالتوقف عن خدمة الدين سابقاً، يعني أنه لا يمكن أن تعكس الواقع الحقيقي النقدي أو الإقتصادي للبلد، لأنه يوجد مالية عامة لديها إلتزامات تجاه دائنين أجانب من حاملي سندات اليوروبوندز، ولديها إلتزامات تجاه مصرف لبنان، وإلتزامات تجاه المصارف التجارية اللبنانية، وجميع هذه الإلتزامات لم يتمّ ذكرها في موازنة الـ 2024".

 

أما بالنسبة لعقد تزويد شركة كهرباء لبنان بالفيول العراقي، فيرى فحيلي أن "الطبقة السياسية حاولت التسويق لهذا الإتفاق على إعتبار أنه إتفاق يقدّم من خلاله العراق الفيول على أن يقدّم لبنان خدمات مقابله. الدولة اللبنانية حاولت إعطاء هذا الإنطباع عمداً لإيجاد تغطية له لكي لا يدخل في موازنة 2024، والآن يتمّ الحديث عن ضرورة دفع ثمن الفيول نقداً". 

وبالتالي الخطأ وفق فحيلي من الدولة اللبنانية وكيفية التعاطي مع إلتزاماتها تجاه الغير سواء الدائنين أو دول تقدم المساعدة للبنان بتأمين الفيول.

 

ويعتبر فحيلي أن دولة منكوبة مثل لبنان لا يمكنها أن تعمل بـ"صفر" عجز في الموازنة، لا سيما وأنه يجب الأخذ بعين الإعتبار أن موازنة 2024 لم تلحظ أي إنفاق إستثماري أو أي إستثمار مرتبط بالوضع الأمني، والنكبة في الجنوب، والمصاريف التي يتحملها المواطنون لإيجاد مأوى بعيداً عن مناطق الحرب.

 

إذاً، إن القول بأنه تمّ إقرار موازنة العام 2024 بـ "صفر" عجز غير صحيح مع الحديث عن سلفة من خارج الموازنة لدفع ثمن الفيول العراقي، وعدم ملاحظة الموازنة النفقات الإستثمارية أو تلك المتعلقة بالحرب في الجنوب.