غير صحيح
مع اقتراب موعد انتهاء مهلة الإشغالات للإيجارات القديمة في 28 شباط 2026، بدأ تداول معلومات عن ضرورة إخلاء المستأجرين لمنازلهم قبل انتهاء المهلة القانونية. وقد نشرت عدّة مواقع اخبارية تقاريرًا تناولت فيها هذه المعلومات معبّرة عن أن هذا الإخلاء للمستأجرين يأتي في عزّ الأزمات، ما قد ينذر بأزمة تشرّد عند انتهاء المهلة القانونية.
فهل يتوجّب على المستأجرين القدامى إخلاء منازلهم في 28 شباط 2026؟
يرمي إقرار قانون الإيجارات القديمة في لبنان وتعديله إلى تحديث الإطار القانوني الذي بات متقادمًا وغير قادر على مواكبة الواقع السكني والاقتصادي. ويهدف القانون إلى تحرير الإيجارات القديمة تدريجيًا ومواءمتها مع القيمة السوقية العادلة، في محاولة لمعالجة تراكمات طويلة خلّفها النظام السابق الذي أبقى بدلات الإيجار عند مستويات متدنية لسنوات، ما أدى إلى نزاعات مزمنة بين المالكين والمستأجرين.
في العام 2017، تم تعديل القانون وإقراره، وبموجب المادة 3 منه "ينشأ حساب مدين للإيجارات السكنية المشمولة بأحكام هذا القانون (يشار اليه في هذا القانون بالصندوق) خلال أربعة أشهر من تاريخ نشر هذا القانون، يكون تابعًا لوزارة المالية وتمسك حساباته مديرية الخزينة في هذه الوزارة".
ويهدف هذا الصندوق إلى مساعدة جميع المستأجرين المعنيين بهذا القانون، الذين لا يتجاوز معدل دخلهم الشهري خمسة أضعاف الحد الأدنى الرسمي للأجور، وذلك عن طريق المساهمة في دفع الزيادات، كلياً أو جزئياً حسب الحالة، التي تطرأ على بدلات إيجاراتهم تنفيذًا لأحكام هذا القانون.
أما عن مصادر تمويل الصندوق، فتتشكّل من مساهمات سنوية من الدولة تُلحظ في موازنة وزارة المالية لتغطية التزامات الصندوق بالإضافة إلى الهبات والتبرعات.
ولكن إلى اليوم لم يتمّ تشكيل الصندوق، إذ تشير المحامية بالإستئناف سليمى الراسي في مقابلة لـ"مهارات نيوز" إلى أنّ "المرسوم 8836 الصادر في موازنة 2022 علّق العمل بالصندوق وهذه اشكالية أخرى حول تمويل هذا الصندوق".
عند إصدار القانون بحسب المحامية مايا برداويل لم يكن التمويل مُتاحًا، حينها علّقوا القانون الى حين تأمين التمويل الذي كان من المفترض أن يتأمن بعد 4 أشهر من إصداره، ولكنه لم يتأمّن".
هنا تبرز إشكالية المادة 58 من قانون الإيجارات المعدّل، إذ تنصّ المادة أنّه خلافاً لأي نص مخالف، تُعلّق تطبيق أحكام مواد هذا القانون المتصلة بالحساب، المساعدات والتقديمات، كما المراجعات القضائية في الأساس، أو التنفيذ أو الأحكام التي سبق وأن صدرت والتي تؤدي إلى تحديد بدل إيجار أو إخلاء المستأجر المعني بتقديمات الصندوق المذكور إلى حين دخوله حيز التنفيذ.
في هذا السياق، تطرح برداويل في حديثها لـ"مهارات نيوز" التساؤلات حول ما اذا كان القانون سار لناحية المهل القانونية اساسا، وتقول: "القانون معلّق إلى حين دخوله حيّز التنفيذ كاملا بحسب المادة 58، ولكن لا يمكننا معرفة ما هو معلّق وما هو سار، فالمسار التشريعي غير واضح، وهو ما نطالب به اليوم. كما ان هناك اجتهاد لرئيسة محكمة الاستئناف في جبل لبنان على أن هذا القانون متكامل، وبالتالي تعليق أي نقطة منه هو تعليق لكامل القانون مع المهل".
بدورها تنوّه المحامية سليمى الراسي أنّه "وفقا لرأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، لا يمكن تجزئة القانون ويجب تطبيقه كاملا، وقد مرّ 9 سنوات على وجوب تشكيل الصندوق وهذا مجحف بحق المالكين والمستأجرين".
في ظلّ انعدام الوضوح التشريعي لناحية المسار الذي يسلكه القانون وما إذا كان سيعلّق كاملا أم جزئيا، لا بد من النظر إلى القانون لمعرفة تفاصيل المهل القانونية لإخلاء المستأجرين لمنازلهم، فقد نصّت المادة 15 من القانون على أنّ المستفيدين من الصندوق المنشأ بموجب القانون يحق لهم تمديد عقود إيجار الأماكن السكنية بـ12 عاما على ان يدفع المستأجر قيمة بدل المثل وفق ما نصت عليه المادة، أما غير المستفيدين من الصندوق فيمدّد لهم بمهلة 9 سنوات. ما يعني أن المستفيدين من الصندوق، لا تنتهي المهلة القانونية لهم للإخلاء في 28 شباط 2026.
وفي هذا السياق، تقول برداويل إنّ "قانون الايجارات القديم الصادر عام 2017 حدد المستفيدين من الصندوق وغير المستفيدين، المستأجر الذي لا يستفيد من الصندوق لديه مهلة 9 سنوات للإخلاء أي من يملك مدخول 5 أضعاف الحد الأدنى للأجور، أما المستفيدين من الصندوق فلديهم 12 سنة، إذ يمكنهم تمديد المدة 3 سنوات، لذا نطلب من المستأجرين اليوم ارسال كتاب للمالك لإعلامه برغبتنا من الاستفادة من السنوات الإضافية وهي 3 سنوات".
بالعودة إلى القانون تشير المادة 16 إلى أنّه " يحق للمستأجر الذي يكون لا يزال مستوفياً لشروط الاستفادة من تقديمات الصندوق، أن يطلب من المالك خطياً، وقبل حلول أجل العقد في السنة التاسعة الممددة بثلاثة أشهر تحت طائلة سقوط الحق، بتحرير عقد إيجار جديد لمدة أقصاها ثلاث سنوات ببدل مساوٍ لبدل المثل المنصوص عنه في المادة 15".
وفي جولة على صفحة اللجنة الأهلية للمستأجرين في لبنان، انتشرت العديد من البوستات التي تحثّ المستأجرين تقديم طلب استفادة من الصندوق وارسال كتاب حفظ حق إلى المالك الأمر الذي يطرح التساؤلات في ظلّ عدم وجود صندوق للمساعدات.
في هذا الاطار، تقول برداويل: "يجب أن يتمسّك المستأجرين بالايجارات القديمة وعدم الذهاب الى عقود الأيجار الحر لأن الإيجارات غير مضبوطة في لبنان، وأيضا وعلى الرغم من عدم تشكيل الصندوق الا أنه ومن باب الاحتياط وحفظ الحق والسير بالمسار القانوني، يجب أن يتقدّموا بالطلب للاستفادة من الصندوق إلى أن يتوضّح المسار الذي سيسلكه تطبيق القانون".
وتؤكّد المحامية سليمى الراسي أنّ "الكثير من المواطنين تسجّلوا للاستفادة من الصندوق لكن المحاكم لا يمكن أن تأخذ بهذا التسجيل وتبتّ فيه، لذا من الضروري اليوم أن يسلك الملف مساره التشريعي الصحيح وتشكيل اللجنة والصندوق، وتفعيل استفادة المستأجرين من قروض الاسكان كما نص عليه القانون في المادة 56".
إذًا ما يتمّ تداوله غير صحيح، إذ إنّ القانون إلى اليوم معلّق كاملا بحسب المادة 58 منه، أي أن المهل أيضا يجب أن تكون معلّقة، وفي حال لم يتمّ تعليق القانون فإنّ كل المستفيدين من الصندوق وهم الأغلبية الساحقة بحسب ما أكّدت المحاميتان سليمى الراسي ومايا برداويل، لديهم الحق بالتمديد 3 سنوات بحسب المادة 15 والمادة 16 من القانون.