Loading...
false

غير صحيح

موازنة لبنان (1)
هل فعلا سجّلت المالية العامّة فائضا يساوي 27 ترليون ليرة لبنانية؟
26/02/2025

خلال اجتماع سابق في وزارة المالية، جرى في خلاله عرض لنتائج المالية لسنة 2024 ، كشف وزير المالية الأسبق يوسف الخليل عن فائض يساوي 27 تريليون ل.ل. في نهاية العام 2024 (بحسب احصاءات دائرة السيولة في مديرية الخزينة).

وأتى هذا الفائض نتيجة سياسة تعزيز الواردات وجهد الادارة الضريبية في تفعيل الالتزام والتحصيل حيث بلغت الايرادات النقدية 366 تريليون ل.ل. (4.1 مليار $) أي 19% زيادة عن ما كان مرتقبا في موازنة 2024.

فهل فعلا سجّلت المالية العامّة فائضا يساوي 27 ترليون ليرة لبنانية؟

 

أولا، حضر الاجتماع الذي ترأسه وزير المالية الأسبق يوسف الخليل مدير المالية العام جورج معراوي والمستشارة الاقتصادية زينة قاسم مع مجموعة استشاريي وكالة التصنيف العالميةStandard & Poors، ولبداية درس هذه الأرقام لا بدّ من الاشارة إلى أنّ وكالة التصنيف standard and poors وضعت في تقريرها الصادر في 19 آب 2024 تصنيف لبنان الائتماني بالعملة الأجنبية عند مستوى SD أي التخلّف الانتقائي عن سداد الديون وهذا بسبب التخلّف عن سداد الحكومة لديونها الخارجية.

وهنا يشير استاذ مادة الاقتصاد في الجامعة اللبنانية الأميركية خليل جبارة في مقابلة مصوّرة مع "مهارات نيوز" أنّ هذه الوكالة أعلنت منذ أشهر أنها لن تصنّف لبنان ولا قدرة لديها لتقييمه ماليا بسبب شكّها في المعلومات المالية الصادرة من الجهات الرسميّة.

أما بالعودة إلى الفائض الذي ذكره الوزير، يجدر الذكر أن المعنى الاقتصادي للفائض في المالية العامّة هو عندما يكون الانفاق أقل من الواردات، وهنا يسأل جبارة " هل كان من المتوقّع أن تنفق الحكومة أكثر ولم تنفق؟ وبالتالي لم نحقّق فائض بل الحكومة لم تقم بعملها من خلال تأجيل واجباتها ومستحقاتها".

في هذا السياق، تقول مديرة التعاون والشراكات في "معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي" سابين حاتم إنّ وزير المالية الأسبق يوسف الخليل يتحدّث عن سيولة (liquidity) بقيمة 27 ترليون ليرة، ولكن هذا الفائض لا يملك بعد اقتصادي بسبب المستحقات المتراكمة على الدولة اللبنانية، أما بالنسبة للرقم المطروح فلا يمكن تحليله بسبب عدم وجود بيانات مالية تسمح بالتحليل.

وتضيف حاتم أنّ "هذا الفائض يعني أن الدولة ترفع سقف الضرائب إما لا تقوم بالانفاق، وبغياب الأرقام لا يمكن تحليل وتفسير مصدر هذا الفائض بشكل دقيق".

وبالحديث عن المستحقات مثلا، يعتمد قطاع الكهرباء في لبنان حاليا على الفيول العراقي، وإلى اليوم يتخلّف المعنيين دفع مستحقات هذا الفيول ما يؤدي إلى تراكم هذه الديون، وهو ما كانت قد أصدرت مؤسسة مهارات عدّة تقارير حول الفيول العراقي و التوازن المالي في قطاع الكهرباء ومؤسسة كهرباء لبنان. 

 

من ناحية أخرى، تعتبر موازنة 2024 موازنة تقشّفية، أي أن الدولة تخفّف من انفاقها، ومن الطبيعي أن ينتج عن ذلك فائض، ولكن ما فائدة هذا الفائض اذا الدولة لا تقوم بواجباتها في التحفيز الاقتصادي ومساعدة المتضررين في الحرب ما يطرح العديد من التساؤلات بحسب جبارة، وبالتالي يصبح هذا الفائض مجرّد عملية محاسبيّة لا معنى اقتصادي له.

وتشير حاتم إلى أنّ "الدولة اليوم لا تقوم بالانفاق على الاستثمارات ونحن في حالة تقشّف أي أن الحكومة لا تنفق بشكل كاف على الحاجات والمستحقات، ولكن أعتقد أن وزارة المالية كانت تحاول إرسال رسالة ايجابية أمام وكالة التصنيف بأن الوضع المالي يتحسّن مع تحسّن الايرادات الضريبية".

ويضيف جبارة أنّ "اعتبار الموازنة العامة والمالية العامة عملية محاسبية هو أمر خطير، فالموازنة وأرقامها يجب أن تكون انعكاس لرؤية اصلاحية اقتصادية".

إذا، ما ذكره وزير المالية غير صحيح من الناحية الاقتصادية، إذ لا يمكن التحدّث عن فائض في المالية العامة في ظلّ تكدّس المستحقات على الدولة اللبنانية وفي ظلّ عدم تأمين الحماية الاجتماعية للمواطنين اللبنانيين وهو ما يشكّل أحد العناوين الرئيسية للإصلاح الاقتصادي والرؤية المستقبلية.