Loading...
true

صحيح

Drinking Water
هل تُشكل بكتيريا "Pseudomonas aeruginosa" خطرًا صحيًا إذا وجدت في مياه الشرب؟
15/10/2025

شكل قرار وزارة الصحة العامة بتوقيف شركة مياه "تنورين" عن تعبئة المياه وسحب منتجاتها من الأسواق لعدم مطابقتها المواصفات، صدمة كبيرة للكثير من المواطنين، فمنذ الساعات الـ 48 الماضية يستحوذ هذا القرار على تفاعل الناشطين في مواقع التواصل الإجتماعي.

 

انقسمت الآراء حول الأمر بدايًة بين مؤيد للقرار يعتبر أنه لا بد من التأكد من سلامة المياه وصلاحيتها، وبين مشكك يرى أن اسم الشركة وتاريخها الطويل من العمل في لبنان يمنعها أن تُطلق عُبوّات غير مطابقة للشروط الصحيّة.

 

لكن سرعان ما تحولت القضية إلى قضية سياسية وطائفية تعكس الانقسام الحاد حول كُلّ القضايا، فمن الإتهام بالمؤامرة، إلى صراع المصالح بين الشركات "والعرابين السياسيين لها" وصولا الى صراع سيادي طائفي بين "الشركات المسيحية الوطنية" وبين وزير الصحة "الشيعي المحسوب على حزب الله"، في الوقت الذي كان يجب التعاطي مع القرار بشكل علمي مخبري حول طبيعة هذه البكتيريا وخصائصها وأضرارها.

 

فهل تُشكل بكتيريا "Pseudomonas aeruginosa" خطرًا صحيًا إذا وجدت في مياه الشرب؟

 

أصدرت وزارة الصحة العامة  قرارًا  في 13 تشرين الأول 2025 يقضي بتوقيف شركة تنورين عن تعبئة المياه لحين تبيان سبب التلوث ومعالجة المشكلة وسحب منتجاتها من السوق في مهلة أقصاها 3 أيام من تاريخ صدور القرار، وذلك بناءً على نتائج عيّنات تم أخذها من الأسواق اللبنانية، وأتت غير مطابقة للمواصفات وملوثة ببكتيريا "Pseudomonas aeruginosa". وأكدت الوزارة لاحقا في منشور عبر منصة X أن الإجراء المتخذ بحق شركة "تنورين" يُلغى فورًا إذا اتُخذت جميع الإجراءات الضرورية لجودة المياه وسلامتها.

 

في اليوم التالي للقرار عقدت إدارة مياه تنورين مؤتمرًا صحافيًا اعتبرت فيه أن قرار الوزارة مؤسف حيث أن العينة التي تم الاستناد إليها لم تُسحب وفق الأصول المعتمدة، ولم تكن بحضور أي ممثل عن الشركة كما تفرض القوانين والانظمة اللبنانية والدولية، ولذلك فإن الفحص الذي بُني عليه القرار يجعل من النتائج غير دقيقة وغير صالحة لتُبنى عليها استنتاجات بهذا الحجم، مؤكدة أن الشركة تخضع دوريًا لاختبارات مراقبة صارمة في مصنعها وفي مختبرات لبنانية وأوروبية مُعترف بها دوليا، وجميع النتائج تُظهر بشكل قاطع مطابقة مياه تنورين لأعلى المعايير اللبنانية والعالمية.

 

بالعودة إلى البكتيريا المذكورة ووفقا ل "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" CDC، فإن "Pseudomonas" هي مجموعة من البكتيريا التي توجد بشكل شائع في البيئة، مثل التربة والمياه. والنوع الأكثر شيوعًا في التسبب بالعدوى لدى البشر هو Pseudomonas aeruginosa. يمكن أن تسبب P. aeruginosa التهابات في: الدم، الرئتين (مثل الالتهاب الرئوي)، المسالك البولية، أو في أجزاء أخرى من الجسم بعد العمليات الجراحية. أما حول الفئات الأكثر عرضة للخطر فهم المرضى في المرافق الصحية (مثل المستشفيات) خصوصًا أولئك الذين:

- يستخدمون أجهزة التنفس الاصطناعي 

- لديهم أجهزة طبية داخل أجسامهم مثل القساطر 

- أو يعانون من جروح مفتوحة ناتجة عن جراحة أو حروق

 

في السياق يشرح البروفيسور في سلامة وتقنيات الغذاء في الجامعة اللبنانية الأميركية حسين حسن أنه في المواصفات الخاصة بمياه الشرب هنالك مجموعة من البكتيريا لا يجب أن تكون موجودة منها الـ "Pseudomonas aeruginosa". كما يوجد نوع آخر أشد خطورة مثل الـ E.coli التي تشكل ضررًا مباشرًا على الصحة العامة بينما الـ Pseudomonas تُخلف ضررًا أقل بكثير.

 

يؤكد حسن أن الـ  Pseudomonas هي بكتيريا موجودة في العديد من جوانب حياتنا مثل التراب والمياه التي تصل الى المنازل، وهي تؤثر عمليًا على أصحاب المناعة الخفيفة كمرضى السرطان والأمراض المزمنة، الحوامل والمرضعات، وصغار السن. تتكاثر هذه البكتيريا في الجهاز الهضمي وتؤثر سلبًا على البكتيريا النافعة، وعندما تنخفض هذه الأخيرة ترتفع نسبة الإصابة بالامراض الهضمية. مضيفًا أنه ليس شرطا على كل من شرب مياه ملوثة بال Pseudomonas أن يتعرض للأذى الكبير ولكن ذلك لا يعني أن وجودها في المياه أمر طبيعي.

 

وحول تسييس هذا الملف وحرف مساره عن الجانب الطبي والعلمي يقول حسن: "المواضيع المرتبطة بالصحة العامة غالبًا ما يتفاعل معها الجمهور أكثر كونها تمس به بشكل مباشر، ولكن للأسف وكما أي شي في لبنان يتحول الموضوع الى قضية سياسية وطائفية، ويغيب الجانب العلمي". ويضيف أن على الوزارة اليوم التواصل مع الشركة وعرض النتائج التي ظهرت وأن يتفقوا معًا على خطة عمل لمعرفة سبب وجود ال Pseudomonas في المياه وحلّ المشكلة. 

 

برز في اليومين الماضيين التركيز من بعض المداخلات الطبية على أن أضرار هذه الأنواع من البكتيريات تكون خطيرة فقط على كبار السن و أصحاب المناعة الضعيفة دون غيرهم، وهذا يُعيدنا إلى زمن كوفيد 19 حيث كان هذا النوع من الحديث يُقدم بمثابة تطمينات للمواطنين، وكأن هذه الفئة من الناس لا أهمية لها. 

 

هنا يوضح حسن أن هذا التمييز ليس قائمًا على التفضيل أو الفرز بين الفئات المختلفة بل هو أمر طبي بحت، فعلميًا وعالميًا يتم الفصل بين من مناعتهم جيّدة وبين أصحاب المناعة الخفيفة الذين يحتاجون رعاية خاصة بسبب انخفاض قدرتهم على مواجهة المخاطر الصحية. 



إذًا صحيح أن بكتيريا "Pseudomonas aeruginosa" تشكل خطرًا صحيًا إذا وجدت في مياه الشرب ووجودها في مياه الشرب ليس أمرا طبيعيا، حيث أنها قد تُسبب التهابات في الدم والرئة والمسالك البولية و تؤثر سلبًا على البكتيريا النافعة في الجهاز الهضمي لاسيما لذوي المناعة الضعيفة، إلا أن تأثيرها يبقى أقل خطرًا مقارنة بأنواع أخرى من البكتيريا التي تتواجد في المياه مثل الـ E.coli وغيرها.