Loading...
halftrue

صحيح جزئياً

World Bank
هل يمكن إلغاء قرض دولي في حال تأخر إقراره في مجلس النواب؟
19/11/2025

تصاعد الجدل في الأيام الأخيرة، حول مصير قرض البنك الدولي بقيمة 250 مليون دولار المخصص لإعادة الإعمار، بعد تصريح وزير المالية ياسين جابر بأن التأخر في إقراره داخل المجلس النيابي قد يؤدي إلى خسارته. وسط هذا القلق المتزايد، وبين الأخبار المتداولة والتفسيرات المتناقضة، تبرز الحاجة إلى التأكد ما إذا كان لبنان مهددًا فعلًا بإلغاء القرض.

 

فهل يمكن إلغاء قرض دولي في حال تأخر إقراره في مجلس النواب؟

 

يساهم تمويل البنك الدولي في دعم مسار التعافي السريع في لبنان من خلال تنفيذ إجراءات استجابة عاجلة، لا سيما في الإدارة الآمنة للأنقاض وإعادة استخدامها. كما يشمل التمويل إصلاح الخدمات الأساسية في مجالات المياه والطاقة والنقل والصحة والتعليم والخدمات البلدية، إلى جانب تمويل الدراسات والتقييمات التحضيرية لإعادة إعمار البنية التحتية المتضررة.

 

وأوضح المدير الإقليمي للبنك الدولي جان كريستوف كاريه، أن قرض الـ250 مليون دولار سيموّل المرحلة الأولى من برنامج LEAP، ما يمكّن الحكومة خلال فترة تمتد بين 18 و24 شهرًا من إطلاق ورشة الإعمار، وتسهيل عودة السكان، ودعم المؤسسات، وخلق فرص العمل، واستعادة الخدمات الأساسية. ويتم تنفيذ البرنامج عبر مجلس الإنماء والإعمار بإشراف رئاسة الحكومة وبالتنسيق مع الوزارات المعنية، فيما تتولى وزارة البيئة متابعة الجوانب البيئية. ويعتمد البرنامج آلية شفافة لتحديد الأولويات بما يضمن تحقيق أكبر أثر اجتماعي واقتصادي.

 

إلا أن تأخر مجلس النواب في إقرار القروض المقدّمة من البنك الدولي يضعف قدرة لبنان على التعافي، خصوصًا قرض الـ250 مليون دولار المخصّص لإعادة الإعمار، والذي تعطّل مرارًا بسبب فقدان النصاب. وخلال اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدولي، نقل وزير المالية ياسين جابر أنه أُبلغ بأن نهاية السنة تمثّل مهلة نهائية لإقرار القروض، وإلّا فإن أبرزها، من قرض إعادة الإعمار وقروض المياه والتكنولوجيا وبرنامج "أمان"، سيكون مهددًا بالإلغاء.

 

في هذا الإطار، يشرح الباحث في الشؤون الاقتصادية والمصرفية محمد فحيلي، في حديثٍ لـ"مهارات نيوز"، أن مجلس إدارة البنك الدولي يوافق أولًا على القرض، لكن تفعيل هذا القرض يتطلّب أيضًا موافقة الدولة المستفيدة ضمن شروط محددة، إذ إن المنح أو القروض ليست مفتوحة، وعلى الدولة أن تستوفي الإجراءات المطلوبة. ويوضح فحيلي أنه على الرغم من أن لبنان حصل على موافقة البنك الدولي، إلا أن القرض غير نافذ بعد، لأنه يحتاج استكمال الإجراءات الدستورية عبر البرلمان اللبناني.

 

ويشير فحيلي إلى أن البنك الدولي يمنح عادةً مهلة تصل إلى 12 شهرًا للدولة المستفيدة للانتقال من مرحلة الموافقة إلى مرحلة التنفيذ. وفي حال عدم احترام هذه المهلة، يصبح هناك احتمال كبير لإلغاء القرض. أما قرار الإلغاء أو التمديد، فيعود حصراً إلى مجلس إدارة البنك الدولي وليس إلى الدولة اللبنانية.

 

ويضيف أنه في لبنان يجب أن يُقرّ القرض بقانون صادر عن البرلمان، بينما تختلف الجهة المخوّلة في كل دولة أخرى بحسب نظامها، إذ أن كل دولة لديها سلطة مختصة بتشريع الاقتراض وبإقرار الالتزامات المالية تجاه البنك الدولي باعتبار أن القرض يُلزم الدولة بالسداد لاحقًا، وهذه الالتزامات يجب أن تصدر بقانون.

 

ويؤكد فحيلي أن سوابق عديدة سجّلها البنك الدولي، حيث ألغيت قروض بسبب عدم إقرارها داخليًا أو بسبب التخلّف عن احترام المهلة الزمنية. فمجلس إدارة البنك الدولي، الذي يضم مدراء تنفيذيين يمثلون دولهم ويتمتعون بمعايير عالية من المصداقية، يراجع وضع كل قرض بعد انتهاء مهلة الـ12 شهرًا، ويقرر إما تجديد المهلة أو العودة إلى نقطة الصفر لاتخاذ قرار جديد بشأن منح القرض من عدمه.

 

وفي السياق، يقول الخبير القانوني الدكتور طوني مخايل في حديثٍ لـ"مهارات نيوز"، إن قرض مشروع الدعم الطارئ للبنان (LEAP 2025) - بقيمة 250 مليون دولار أميركي لدعم ترميم وإعادة إعمار البنية التحتية الأساسية المتضررة - الذي وافق عليه البنك الدولي في 25 حزيران 2025 ووقّعت عليه وزارة المالية في 26 آب 2025، ما زال معلّقًا بانتظار مصادقة مجلس النواب. ويشير إلى أن احتمال الإلغاء ليس مرتبطًا مباشرة بتاريخ 31 كانون الأول، بل بمرور المهلة التي يمنحها البنك عادة بين الموافقة واستيفاء الشروط المسبقة لتفعيل القرض (Effectiveness Conditions).

 

عادةً، ما يمنح البنك الدولي مهلة تتراوح بين ستة أشهر وسنة لاستكمال هذه الشروط. وبما أن نهاية العام تتزامن تقريبًا مع مرور ستة أشهر على الموافقة، يصبح القرض في مرحلة حساسة، خصوصًا المشاريع الطارئة ذات الجداول الزمنية الضيقة. وإذا لم تُستكمل الشروط خلال هذه الفترة، يكون البنك مخوّلًا بإلغاء التمويل أو إعادة تخصيصه.

 

وعليه، فإن مخاوف وزير المالية وفق مخايل تُعدّ "مبرّرة"، إذ يقترب لبنان من نهاية المهلة الأولى (نحو ستة أشهر)، مما يجعل القرض أكثر حساسية وقد يعرضه للإلغاء في حال استمرار التأخير وعدم إقرار الاتفاقية في الوقت المطلوب.

 

إذًا، فإن تصريح الوزير صحيح جزئيًا، فإن تأخّر إقرار القرض يشكّل خطرًا حقيقيًا على استمراريته، لكن الإلغاء ليس تلقائيًا بمجرد التأخر، إذ توجد مراحل وشروط يجب استكمالها قبل أن يتخذ البنك قرار الإلغاء.