Loading...
halftrue

صحيح جزئياً

Banque Du Liban
هل تشارك المصارف مصرف لبنان في صياغة التعاميم والقرارات في سياق تسيير العمل المصرفي؟
30/08/2024

كتب الباحث الاقتصادي منير يونس عبر حسابه على منصة" X" منشورًا ينتقد فيه المصارف وأنها تبرر فعلتها بتبديد الودائع بالادعاء أنها أُجبرت من مصرف لبنان على تنفيذ سياسات أدت إلى ما أدت إليه، بينما هي شريكة في صياغة التعاميم والقرارات التي يصدرها مصرف لبنان، وشريكة كاملة في كل ما يتعلق بالعمل المصرفي.

 

فهل تشارك المصارف مصرف لبنان في صياغة التعاميم والقرارات في سياق تسيير العمل المصرفي؟

 

تنص المادة 174 من قانون النقد والتسليف على أن "للمصرف المركزي صلاحية إعطاء التوصيات واستخدام الوسائل التي من شأنها أن تؤمن تسيير عمل مصرفي سليم. ويمكن أن تكون هذه التوصيات والوسائل شاملة أو فردية. وللمصرف المركزي خاصة بعد استطلاع رأي جمعية مصارف لبنان أن يضع التنظيمات العامة الضرورية لتأمين حسن علاقة المصارف بمودعيها وعملائها. كما أن له أن يحدد ويعدل كلما رأى ذلك ضروريا، قواعد تسيير العمل التي على المصارف أن تتقيد بها حفاظا على حالة سيولتها وملاءتها.

 

يشرح المستشار المصرفي بهيج الخطيب أن جمعية المصارف هي عبارة عن تجمع مهني لأصحاب المصارف وليس لديها أي صفة كسلطة رسمية. وفيما يخص المادة 174 من قانون النقد والتسليف فهي تقول أن للمصرف المركزي خاصة بعد استطلاع رأي جمعية مصارف لبنان أن يضع التنظيمات العامة الضرورية لتأمين حسن علاقة المصارف بمودعيها وعملائها.. وجملة "بعد استطلاع رأي" ليست بمعنى الإلزام، بل يمكن للمركزي أن لا يستطلع رأي جمعية المصارف ولا شي يُلزمه قانونًا بذلك.

 

ويضيف الخطيب، "بالممارسة العمليّة ومن خلال تواجدي لسنوات طويلة في مصرف لبنان وتسلمي لمهام رئيس غرفة عمليات القطع في مصرف لبنان بين عاميّ 1980 و 1993 ، وعندما كان الحاكم ادمون نعيم أو ميشال خوري يريدان إصدار أي تعميم يتعلق بالتدخل بسوق القطع والمحافظة على سعر صرف الليرة، كنا نقترح عليهم التشاور مع كبار المصرفيين الذين يملكون الخبرة القوية بالعمل المصرفي، وكانت الحاكمية و"إن أرادت" تتشاور معهم في "بعض الأحيان" وفي "بعض القضايا" ولكن ليس من باب الإلزام".

 

والدليل على ذلك ما جرى مؤخرًا بشأن التعميم 166 الذي صدر في عهد الحاكم بالإنابة وسيم منصوري والذي يفرض على المصارف دفع 150 دولار من وديعة المودع شهريًا، وهذا المبلغ كانت تعارضه المصارف بذريعة "عدم القدرة" ومع ذلك اتخذ الحاكم قراره وسار بالتعميم.

 

بالمقابل، يشرح الباحث الاقتصادي منير يونس أنه وأثناء عملية إصدار التعاميم وإذا أراد المصرف المركزي مثلًا إصدار تعاميم حول نسب السيولة والملاءة (لها حسابات ومعايير دولية) يأتي ويدرس مع المصارف النسب التي يمكن تطبيقها محليًا، فيمكن أن تكون وفقًا لمعايير "بازل" نسبة الملاءة المطلوبة مثلا 8% او 12 % فيتشاور الطرفان وقد تطلب المصارف مهلة بضعة سنوات للتطبيق، ويُقرّ ويُطبقّ التعميم بالتشاور. 

 

"من الأمثلة أيضًا، تحديدًا في التعميمين ١٥٨ و١٦٦ الخاصين بسحوبات الودائع، وبعض التعاميم الأخرى، تشاور مصرف لبنان مع المصارف". ويوضح يونس أن هذا الأمر لديه جانب ايجابي وجانب سلبي، ففي الجانب الإيجابي تكمن أهمية التشاور في معرفة قابلية التنفيذ، فلا مصلحة للمركزي في حالات معينة بفرض تعميم غير قابل للتطبيق. أما الجانب السلبي فإنه وعند التشاور مع أصحاب المصلحة من الطبيعي أن يكون لديهم رغبة أكيدة بتوجيه التعميم ليخدم مصالحهم على حساب مصالح غيرهم. 

 

وفي قضية الإقراض على سبيل المثال أيضًا وبحسب يونس، جلس الحاكم بالإنابة وسيم منصوري مع المصارف ليتشاوروا حول كيفية عودة القطاع المصرفي للإقراض، وعقدوا عدّة اجتماعات، ورغم وجهة نظر مصرف لبنان الذي يعتبر أن نهوض الاقتصاد يحتاج إلى عودة الإقراض، إلاّ أن الأولى كان النقاش في هيكلة القطاع والبحث في تغطية التزامات الودائع لا القفز فوق حقوق المودعين.   

 

وحول العلاقة بين المركزي والمصارف، يعتبر يونس أنه ليس هناك جدار ليفصل بينهم ويمكن اعتبارهم فريق واحد، فبعد 5 سنوات من الأزمة الطاحنة وخسارة معظم رساميل المصارف لم يعلن أي مصرف إفلاسه، وهذه هي رغبة المصرف المركزي الذي لو أراد المحاسبة كما يجب، ووفق القوانين 2/67 و 110/91، "كنا رأيناهم يتحولون للمحكمة المصرفية الخاصة". 

     

وانتقد يونس تمثيل جمعية المصارف بعضو ضمن الجهات الرقابية بالقول" وفق المعيار العالمي لا يجب أن يكونوا ضمن لجنة الرقابة على المصارف، فاللجنة هي رقيب على المصارف فكيف يكونوا ممثلين فيها؟

 

وتشارك المصارف في اختيار أحد أعضاء لجنة الرقابة على المصارف حيث تنص المادة 8 من القانون 28/67 بأنه "تنشأ لدى مصرف لبنان لجنة مستقلة للرقابة على المصارف، تؤلف اللجنة من خمسة أعضاء يعينون بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية على الوجه التالي:

 

اولا : اختصاصي في الشؤون المصرفية أو المالية أو استاذ جامعي متخصص في هذه الشؤون - رئيسا.

ثانيا : عضو تقترحه جمعية المصارف في لبنان.

ثالثا : عضو تقترحه مؤسسة الضمان المنشأة بموجب هذا القانون ويحل ممثل عن مصرف لبنان يعينه مجلس المصرف محل العضو الذي يمثل مؤسسة الضمان ريثما تباشر هذه المؤسسة عملها.

 

وفي المادة 10 من القانون تُنشأ لدى مصرف لبنان هيئة تسمى الهيئة المصرفية العليا وتؤلف من عدة أعضاء ومنهم "العضو المعين بناء على اقتراح جمعية المصارف في لجنة الرقابة" 

 

ويعتبر يونس أنه لا بد من القيام بتعديلات على قانون النقد والتسليف، والإجراءات والقوانين الخاصة بلجنة الرقابة على المصارف، ويجب وضع جدار بين الجهة الرقابية والجهة التي يتم مراقبتها، لان هذا التشاور القائم والوقوف على مصالح المصارف "يؤدي إلى ما نحن فيه اليوم".

 

اذًا، فصحيح جزئيًا أن المصارف ممثلة ببعض الخبراء المصرفيين أو بجمعية مصارف لبنان قد تشارك واقعيًا في عملية صياغة التعاميم والقرارات في سياق تسيير العمل المصرفي، ولكن لا بد من التوضيح أن هذه المشاركة هي من باب التشاور مع مصرف لبنان وهي ليست من باب الإلزام، إذ يمكن للمركزي عدم اجرائها او العمل بها إن ارتأى ذلك