Loading...
halftrue

صحيح جزئياً

وزارة الأشغال العامة والنقل
هل أعطى الدستور اللبناني وزير الأشغال العامة والنقل الصلاحية لإنفاق أموال الوزارة "حسب ما يراه مناسبًا"؟
30/08/2024

أثارت مواقف لوزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حميّة في 15 آب 2024 وأثناء إطلاقه من مدينة النبطية ورشة أشغال تأهيل الاوتوسترادات الدولية وصيانتها في كل لبنان من الجنوب، باحتفال اقيم عند دوار النبطية -كفررمان الكثير من الجدل. 

 

وقال حميّة في معرض الحديث عن التعويضات على المناطق الجنوبية "لن أتردد بإنفاق ما يطلبه أهل الجنوب ومدينة النبطية من اعتمادات وزارة الاشغال العامة والنقل لصيانة البنى التحتية والجسور حسب حاجاتهم، ولمن يقول كيف، ولماذا؟، أقول لهم هذا مال وزارة الأشغال، والدستور اعطاني الصلاحية بالإنفاق حسب ما أراه مناسبا".

 

إعتُبر هذا التصريح بمثابة تحيّز من حميّة لمنطقة معيّنة (الجنوب اللبناني) دون أخرى، وأنه تفرّد للوزير بالتصرف بأموال الشعب اللبناني. وعاد حميّة وأوضح في حديث للـ LBCI عن ما عناه من كلامه بالقول: "عندما نقول كيف ما أراه مناسبًا، وأؤكد عليها، يعني العدل بين كل اللبنانيين، لأن مال وزارة الأشغال العامة والنقل كما أخذناه عهدًا على أنفسنا هو مال لكل اللبنانيين ولا داعي لأحد أن يتحسّس".

 

انطلاقًا مما سبق يبرز السؤال عن ماذا يقول الدستور من هذه الناحية، وهل بالفعل أعطى أي وزير الصلاحية لإنفاق أموال الوزارة "حسب ما يراه مناسبا"؟

 

يقول الخبير الدستوري سعيد مالك في حديث لـ "مهارات نيوز" حول هذا الموضوع: "من الثابت والأكيد أن وزير الأشغال العامة والنقل  في تصريحه المذكور استند إلى نص المادة 66 من الدستور والتي تنص سيما في الفقرة الثانية منها أن من يتولى ادارة الوزارة هو الوزير، وهو الذي يتولى مسؤولية إتمام الواجبات ضمن اطار القانون والانظمة المرعية الإجراء، ولكن لا يجب علينا أن ننسى أن الوزير أولا مُلزم بالخطة الحكومية كونه هو عضو في الحكومة، وبالتالي اليوم من يُحدد الخطوط العريضة لعمل أي حكومة أو وزارة هو مجلس الوزراء.

 

وبحسب مالك، فالوزير له صلاحية واسعة لاسيما بعد تعديلات الطائف عام 1990، وتصريح وزير الأشغال فيه الكثير من الصحة لجهة أن من يقرر صرف الاعتمادات هو الوزير في وزارته ولكنه يقتضي عليه أن يتقيد بتوجيهات الحكومة من جهة وبالقوانين والانظمة المرعية الاجراء، وهو يخضع للمحاسبة في حال أخطأ بهذا الشأن.  

 

وردًا على سؤال حول الصلاحيات كون الوزير هو وزير في حكومة تصريف أعمال، يؤكد مالك أن بالنسبة للآلية والصلاحيات تبقى نفسها، ولكن ما يختلف هي المواضيع التي يمكن للوزير أن يصرف الاعتمادات عليها. وبالتالي اليوم عندما تكون الأمور طارئة وملحّة ويقتضي التعويض عنها، عندها مبدئيًا ولو كانت حكومة تصريف أعمال يُفترض على الوزير المعني القيام بواجباته لأن تصريف الأعمال لا يجب أن يشكل عائقا دون إنفاذ الموجبات الملقاة على عاتقه. 

 

القوانين والظروف الطارئة

انطلاقًا مما سبق تجدر الاشارة في باب القوانين التي تنظم الإنفاق العام الى قانون الشراء العام الذي أُقر في العام 2021 ويُحدّد قواعد إجراء الشراء العام وتنفيذه ومراقبته. وكانت مؤسسة مهارات تناولت موضوع قانون الشراء العام في عدّة تقارير لاسيما في تقرير بعنوان"هل عطل مجلس الوزراء قانون الشراء العام في جلسة 31 تموز بحجة حالة الطوارئ؟

 

وأورد التقرير أنه في سياق الاجتماع الاستثنائي للحكومة على خلفية الاعتداء الإسرائيلي الذي استهدف العاصمة بيروت، والذي عقد يوم الأربعاء 31 تموز، وبعد المعلومات المتداولة حول محاولة تعطيل قانون الشراء العام، قام فريق مهارات نيوز بجولة على عدد من الوزراء الذين حضروا الجلسة لاسيما الوزير جورج كلاس والوزير ناصر ياسين والوزير عصام شرف الدين. وقد أكد الوزراء الثلاثة أن الموضوع طُرح إثر استفسار وزير الصحة فراس الأبيض ووزير الاشغال علي حمية حول عملية صرف الأموال في الحالات الطارئة ضمن خطة الطوارئ الوطنية.

 

وخلص التقرير بعد تفنيد الأمر مع الخبراء أنه لا يمكن تعطيل قانون الشراء العام بحجة حالة الطوارئ ولكن القانون نفسه يسمح بالتعاقد بالتراضي في حالات الطوارئ، إنما ذلك لا ينفي الرقابة اللاحقة لتحديد توافر حالة الطوارئ وسلامة صرف الأموال العامة.

 

اذًا فالجواب على سؤال هل أعطى الدستور اللبناني وزير الأشغال العامة والنقل الصلاحية لإنفاق أموال الوزارة "حسب ما يراه مناسبا" هو صحيح جزئيّا، فالوزير له صلاحيات واسعة وهو من يقرر صرف الاعتمادات في وزارته ولكن بالمقابل يقتضي عليه أن يتقيد بتوجيهات الحكومة، وبالقوانين والأنظمة المرعيّة الإجراء.