Loading...
true

صحيح

Qzpwkamqq9qhtluxmbsd
هل قرار وزير التربية بفرض مساهمة تُدفع من الأهالي لصالح صناديق الأهل في المدارس الرسمية غير قانوني؟
13/09/2024

أثار القرار رقم 680 تاريخ 21-08-2024 الصادر عن وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي والذي يقضي "بتحديد قيمة مساهمة من قبل الأهالي في صناديق مجالس الأهل في المدارس والثانويات الرسمية تقدر بـ 4 ملايين و500 ألف ليرة (50$ أميركي) عن كل تلميذ لبناني، وتسعة ملايين ليرة (100$ أميركي) عن كل من التلامذة غير اللبنانيين" الكثير من الجدل في الإعلام وعند المعنيين في الشأن التربوي (الرسمي تحديدًا) كونه اعتُبر غير قانوني وغير دستوري وأنه يضرب مبدأ مجانية التعليم في لبنان، ويزيد الأعباء على العائلات اللبنانية في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.

 

بدوره وفي حديث ضمن برنامج نهاركم سعيد على الـ LBCI قال مدير عام وزارة التربية عماد الأشقر أن هذا المبلغ هو "مساهمة في صندوق الأهل في المدارس الرسمية وليس رسمًا، نحن بأزمة حيث تراجعت تقدمات الجهات المانحة، والمدارس بحاجة لتعبئة صناديقها لتتمكن من العمل". 

 

وتقدم بعض المحاميين (بوكالة عن النائبة حليمة قعقور وعن بعض ذوي التلامذة المتضررين) بطعن أمام مجلس شورى الدولة بالقرار "لتجاوز حد السلطة مع طلب وقف تنفيذ". واستدعى هذا القرار بعض التصريحات السياسية المنتقدة له.

 

 

فهل قرار وزير التربية بفرض مساهمة تُدفع من الأهالي لصالح صناديق الأهل في المدارس الرسمية غير قانوني؟

 

بدايةً يؤكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (يلتزم به لبنان في مقدمة دستوره) في المادة 26 منه أن لكل شخص حقٌ في التعليم. ويجب أن يُوفَر التعليم مجَانًا، على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية. ويكون التعليم الابتدائي إلزاميًّا.

 

وتشرح النائبة حليمة قعقور في حديث لـ "مهارات نيوز" أن قرار وزير التربية عباس الحلبي يخالف جوهر المرسوم الذي وقعه بنفسه لتنظيم وتحديد شروط التعليم المجاني الإلزامي 9706/2022، وهو مجانية التعليم. وتضيف أن الوزير حدد مساهمة إلزامية لصندوق الأهل في المدارس الرسمية ب 50$ للأساسي و100$ للثانوي وعند الحديث عن الإلزامية تصبح حكما رسم تسجيل، بينما القانون 134/1959 وتعديلاته ألزم الدولة بمجانية التعليم، كما المادة 52/2004 من قانون الموازنة العامة التي تقول صراحة: "خلافا لأي نص آخر، يعفى تلامذة مرحلتي رياض الأطفال والتعليم الأساسي من مساهمة الأهل في تغذية صندوق المدرسة الرسمية، وذلك ابتداء من العام الدراسي 2003- 2004. أما المرسوم 9706/2022 أبقى على مساهمة الأهل في صندوق مجالس الأهل إلا أن القوانين وضعت إطارا قانونيا لهذه المساهمة وسمحت للوزارة تحديد سقفها أما تحديد القيمة فيعود لمجالس الأهل استنادًا على موازنة سنوية يقرها مجلس الأهل.

 

"بينما نجد أنه في القرار 680 وتعديله الصادرين في آب 2024 حدد بنفسه قيمة المساهمة الواجب دفعها. والمساهمة هي غير إلزامية، يحددها مجلس الأهل وليس إدارة المدرسة ولا الوزارة. والقرار تم خلال فترة فراغ مجالس الأهل فصلاحياتها تمتد من تشرين الأول حتى حزيران، مما يوحي بنية لتجاوز أي اعتراض من الأهل".

 

وحول الحديث عن قضية الفصل بين المساهمة لصالح صناديق مجالس الأهل وصندوق المدرسة، تؤكد قعقور أن الصندوقين منفصلين الأول بإدارة مجالس الأهل وممول من مساهمات الأهل والتبرعات ومساهمات جهات رسمية تنفق حصرا على التأمين الصحي للتلامذة ومساعدة الأيتام وتحفيز المتفوقين وأنشطة غير منهجية، بينما صندوق المدرسة ممول من الدولة ويتضمن: تمويل صندوق المدرسة، وبدلات معلمي المواد الإجرائية، وتمويل الكتاب المدرسي وتموّله الخزينة العامة ببند يرد سنويًا في الموازنة العامة ويديره المدير وأستاذين من الملاك.

  

وفي السياسة تشرح قعقور أن موازنة وزارة التربية نحو 210 مليون دولار، كما حصلت الوزارة على سلفة خزينة بقيمة 150 مليون دولار. تدفع الخزينة العامة منح تعليم وتقديمات مدرسية لموظفي القطاع العام والمصالح والمؤسسات العامة وصناديق التعاضد مثل القضاة والنواب والمخاتير وأساتذة الجامعة اللبنانية وغيرهم ... مبالغ كبيرة يخصص قسم منها منح تعليم ... القيمة التقديرية لكل هذه المنح والتقديمات وحصة التعليم من الصناديق تقارب 350 مليون دولار... واليوم لا تجد الدولة 20 مليون دولار لدعم صناديق المدارس ؟؟؟ وتريد فرض رسم على الأهالي الفقراء لتغذية هذه الصناديق، "هذا ليس فقط خرق لمجانية التعليم ... هذا أيضا يعتبر غياب للعدالة وتمييز. والأكثر إيلامًا هو سلوك العديد من المدراء الذين يهددون الأهالي بعدم تسجيل أولادهم إذا هم لم يسددوا 4.5 مليون ليرة عن كل ولد! وكأن المدارس الرسمية صارت تتماهى مع المدارس الخاصة بعدم قبول من لم يسدد القسط! هذا أمر غير مقبول ومخالف للقوانين والشرائع الدولية كافة لا سيما حق الوصول للتعليم. فماذا سيحصل إذا كان ولي أمر لا يستطيع تغطية هذا المبلغ؟ التعليم حق والصحة كذلك ويجب أن يكونا من أولويات الحكومة في ظل هذه الظروف وليس عرقلتهما بقرارات وتدابير تعسفية".

 

وفي السياق اعتبر النائب فراس حمدان من مجلس النواب بتصريح أن "الأحزاب الموجودة في الحكومة تُجمع على أن همها الأساسي هو التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية ولكن بالممارسة أكثر من يضرب الجامعة اللبنانية والتعليم الرسمي هي هذه الأحزاب، وما نريد قوله إن القرار الذي أصدره وزير التربية استهدف المواطن اللبناني بالصميم لاسيما الأقل دخلاً، ونحن سنتابع الموضوع بسؤال سنوجهه الى وزير التربية والحكومة".

 

وكان لافتا بيان أصدرته مفوضية التربية والتعليم في "الحزب التقدمي الإشتراكي" قالت فيه أنه "لطالما طالب الحزب التقدمي الإشتراكي بالإجراءات التي تهدف إلى تحسين الواقع التربوي وتحصينه ودعم المدرسة الرسمية والتعليم الرسمي. ولكي يبقى متاحًا ومتوفرًا للجميع ضمن مبدأ عدالة التعليم ومجانيّته وتكافؤ الفرص. وهذا ما لا ينطبق على الإجراء الذي اتخذه وزير التربية بفرضه رسم خمسين دولارًا على الطلاب في المدارس الرسمية، ولا تبرير له على الإطلاق. لذا فإنّ الوزير مطالبٌ بالعودة عنه بما يُعطي الحق لكل الطلاب بالتسجيل في المدرسة الرسمية من دون معوقات.

 

إذًا، وبناء على ما سبق فإن التداول في أن قرار وزير التربية بفرض مساهمة تدفع من الأهالي لصالح صناديق الأهل في المدارس الرسمية هو غير قانوني، صحيح. فالقرار يشوبه العديد من الشوائب أهمها ضرب مبدأ مجانية التعليم المكفول في الدستور والقانون، ويشكل مخالفة لصلاحية الوزير في تحديد سقف المساهمة وليس قيمتها.