Loading...

الوقاية خير من قنطار علاج: لسان حال المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري في لبنان

 

"كأن الحياة توقفت مكانها في الوقت الذي تلقيت فيه النتيجة الإيجابية لفحص Hiv"، بهذه العبارة يستعيد ايلي بلان المتعايش مع فيروس نقص المناعة منذ 15 سنة لموقع "مهارات نيوز" لحظة تلقيه الخبر. لكنه سرعان ما تمكّن من تخطّي فكرة الإصابة ليحوّلها إلى رسالة ارشادية توعوية يتوجّه فيها إلى المجتمع عبر نشاطه في برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشري (UNAids).

 

ويقول بلان "شعرت بحالة من الحزن والأسى، تملكني الانزعاج من ذاتي خصوصاً إنني كنت على اطلاع بشأن هذا المرض، رغم أن الأدوية متوفّرة للمتعايشين مع الفيروس ويعيشون حياة طبيعية" لافتاً إلى أن "الوصمة الاجتماعية والتمييز الذي يعانون منه أوحى لي بصعوبة الحياة أمامي. لحسن الحظ بعض الأصدقاء تقبّلوا الموضوع، وأهلي كانوا داعمين إنما حزينين، لكننا بعد أشهر تخطينا الفكرة سوياً".

 

منذ اكتشاف إصابته، اجتاز بلان مراحل عدة، من بين أصعبها انتشار الخبر قبل أن يعلنه أمام بعض الأشخاص، ما جعله يشعر "بإحباط ". ويضيف "تعرّضت لأذى نفسي ولفظي.. تُركت وكأنني منبوذ من المجتمع"، إلى أن بلغ مرحلة أدرك فيها أنه ما من خيارات لديه.

 

ويقول "قررت أن أتعايش مع المرض وأن أستمتع بأبسط الأمور اليومية، وأن أقوم بكل شيء كما لو أنها المرة الأخيرة، شعرت بلذة الحياة من جديد".

 

 

مع مرور الوقت، أدرك بلان أنه قادر على مساعدة المتعايشين مع الفيروس والأصحاء كذلك لئلا يعيشوا التجربة التي اختبرها، بعدما قصده العديد من الأشخاص للاستفسار عن الفيروس. ويشرح "بدأت أرى الحياة من زاوية مختلفة.. يجب عدم فقدان الأمل في الحياة. وهذا الأمل يستمدّه الشخص إما من عائلته وأصدقائه إذا تقبّلوا وضعه أو من الجمعيات غير الحكومية التي أخذت على عاتقها مساعدة ودعم المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري".

 

 

"دعابة أصبحت صدمة" 

"أجريت الاختبار من باب المزاح وكانت الصدمة"، هكذا يختصر خليل، الذي تحفظ عن ذكر اسمه الكامل، لحظة تلقيه خبر إصابته التي لم يكن يتوقّعها إطلاقاً، بعدما أجرى الاختبار ضمن حملة توعية نظمتها جمعية العناية الصحية.

 

يستعيد تلك اللحظات الثقيلة والأفكار المخيفة التي راودته وعلى رأسها "السيدا يساوي الموت". ويروي لموقع "مهارات نيوز": "لم أكن أعرف شيئاً عن الفيروس بشكل تفصيلي ولم أكن ملمّاً بالشأن الصحي".

 

ويضيف "أُغلقت كلّ الأبواب في وجهي، دخلتُ في دوامة من اليأس والصدمة والانهيار، لكنني تقبّلت الفكرة تدريجياً خصوصاً بعد التردّد باستمرار على مركز الجمعية التي شرحت لي بالتفصيل الإجراءات اللازمة التي يجب اتباعها وأن الأدوية متوفرة في وزارة الصحة مجاناً، وضرورة متابعة إجراء الفحوصات بشكل سنوي للاطمئنان على صحتي بشكل مستمر".

 

ويلعب الدعم النفسي والمعنوي وفق خليل، الذي يحمل الفيروس منذ نحو 12 عاماً، دوراً مهماً "ليتعايش أي مريض مع Hiv ويتقبّل أهله إصابته"، مضيفاً "لولا حبة الدواء هذه أنسى أنني حامل للفيروس خصوصاً أنني لا أشعر بأي وجع".

 

بعد سنوات، باتت التوعية عن الأمراض المنقولة جنسياً ومنها Hiv، شغل خليل الشاغل. ويقول "أشارك في الحملات التي تقيمها الجمعية في الشوارع لكي لا يتعرّض أي شخص لخطر الإصابة بالفيروس". أما رسالته التي يحملها للشباب فهي "الوقاية خير من قنطار علاج… انتبهوا على أنفسكم، لستم مضطرين لتناول أدوية لبقية حياتكم". 

 

وبينما يشدّد على أهمية إدراج التربية الجنسية والتوعية في المناهج التربوية في المدارس والجامعات وأي مكان تتواجد فيه فئة الشباب، يؤكّد بتأثر أن "الحياة لا تنتهي هنا، تغيّرت فقط طريقة العيش" معتبراً أن لكل فرد دوره في المجتمع. ويتابع "الكلام يطيل العمر ويمكنه إنقاذ حياة".

 

التوعية المبكرة أساسية

لعلّ المرحلة الأصعب عند المصابين بالفيروس هي لحظة اكتشافهم لمرضهم. ومن هنا أهمية دعمهم نفسياً الى حين التأقلم مع وضعهم الجديد.

 

تشرح مديرة جمعية العناية الصحية المجتمعية الشاملة في لبنان (Sidc) ناديا بدران لموقع "مهارات نيوز"، أنه "عندما يتبلّغ الشخص أنه يحمل فيروس نقص المناعة، يتعيّن أن تبدأ مسيرة الدعم النفسي الاجتماعي لأنه يعيش حالة صدمة ولا يتقبّل الحالة الجديدة التي يمر فيها، وغالباً ما تكون تلك المرحلة مصاحبة بشعور بالخوف من ردّة فعل المحيط في المجتمع والعمل ومن المستقبل المجهول".

 

ومن هنا، تبرز الحاجة إلى التركيز على تصحيح المعلومات الخاطئة المتخذة عن Hiv وطرق الانتقال للتخفيف من الوصمة التي يتعرّض لها المتعايشون مع الفيروس، وفق بدران.

 

 

تلعب التوعية المبكرة دوراً أساسياً في التخفيف من السلوكيات الخطرة لدى الفئات الشابة رغم حساسية ودقة التوعية على الصحة الجنسية والإنجابية.

 

وتشير بدران إلى أن "موضوع Hiv بالتحديد مرتبط بالسلوكيات خصوصاً المتعلقة بالعلاقات الجنسية، ومن هنا نطالب بادماج المواضيع المتعلّقة ضمن البرامج الدراسية، ونشجع الشباب للبحث أكثر عن الموضوع وحتى التوجّه إلى الجمعيات المعنية بالفيروس للاطلاع أكثر والمشاركة في مساعدة أشخاص متعايشين مع المرض".

 

ورغم عدم وجود قوانين تحرم المتعايشين مع فيروس نقص المناعة من دخول سوق العمل، إلا أن سياسة بعض الشركات تفرض إجراء فحص Hiv من ضمن شروط التقديم للعمل، وفق ما تشرح بدران. ويجد هؤلاء فرص عمل أقل.

 

وتوضح "تقدّمنا بدعاوى عبر محامين بعد تعرّض مصابين لطرد تعسفي بسبب الفيروس" معتبرة أن "المطلوب اليوم حملات مناصرة لمنع شرط إجراء فحوصات Hiv قبل التقديم على أي وظيفة".

 

TAG : ,فيروس نقص المناعة البشري ,HIV ,الوقاية ,الأمراض المنقولة جنسيًا ,الدعم النفسي والمعنوي ,علاج ,التربية الجنسية ,التوعية ,العلاقات الجنسية ,الصحة الجنسية والإنجابية