Loading...
halftrue

صحيح جزئياً

مجلس الوزراء لبنان
هل يمكن لرئيس الجمهورية أن يتخذ مرسومًا بناءً على قرار صادر من مجلس الوزراء بفتح اعتمادات استثنائية؟
30/09/2025

أقرّ مجلس الوزراء في 22 أيلول 2025 مشروع الموازنة للعام 2026، ومنذ تاريخ إقرارها، تصدّرت الموازنة العامة واجهة النقاش العام في الحياة السياسية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام لما تحمله من إشكاليات تقنيّة وسياسية.

 

وتنصّ المادة 7 من الموازنة على منح رئيس الجمهورية صلاحيّة إصدار مرسوم بفتح اعتمادات استثنائية أو نقل اعتمادات في موازنة العام 2026، بناءً على قرار صادر عن مجلس الوزراء، على ألا تتجاوز تلك الاعتمادات سقف 1000 مليار ليرة.

 

 

فهل يمكن لرئيس الجمهورية أن يتخذ مرسومًا بناءً على قرار صادر من مجلس الوزراء بفتح اعتمادات استثنائية؟

 

أولا وبالعودة إلى صلاحيات رئيس الجمهورية، تنصّ المادة 85 من الدستور اللبناني على أنّه "لا يجوز أن يُفتح اعتماد استثنائي إلا بقانون خاص".

لكن المادة نفسها تفتح بابًا استثنائيًا، إذ تسمح لرئيس الجمهورية، في حال نشوء ظروف طارئة تستوجب نفقات مستعجلة لا تحتمل انتظار انعقاد المجلس النيابي، بإصدار مرسوم بفتح اعتمادات استثنائية بناءً على قرار من مجلس الوزراء، على أن تُعرض هذه التدابير على المجلس النيابي في أول عقد يلتئم فيه بعد ذلك، وأن لا تتجاوز هذه الاعتمادات سقفًا يحدّده قانون الموازنة.

 

في هذا الإطار، يقول الخبير القانوني الدكتور طوني مخايل لـ"مهارات نيوز" إنّه "في الأصل لا يجوز إحداث نفقات جديدة أثناء تنفيذ الموازنة العامة إلاّ بقانون يصدر عن السلطة التشريعية". لكنه يوضح أن المادة 85 تتيح استثناءً محدودًا في حال وقوع أحداث غير متوقعة، مثل الكوارث الطبيعية، الأزمات الأمنية، انتشار الأوبئة، أو انهيار مفاجئ في مرافق حيوية، حيث يجوز للسلطة التنفيذية أن تتخذ إجراءات عاجلة لضمان استمرارية المرافق العامة.

 

ويضيف مخايل أن تقدير وجود الظرف الطارئ يعود عمليًا إلى مجلس الوزراء، الذي يتخذ القرار اللازم، ويصدر بناءً عليه مرسوم عن رئيس الجمهورية، على أن يخضع ذلك لاحقًا لرقابة المجلس النيابي. كما يؤكد أن هذه الصلاحية تبقى استثنائية ومقيّدة، ولا يجوز التوسّع في تفسيرها بما يؤدي إلى الالتفاف على مبدأ حصرية الإنفاق.

 

وهذا ما يؤكّده خبراء في معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، بالقول إن "النص واضح لناحية أن المرسوم يأتي بناءً على قرار صادر عن مجلس الوزراء، وقرار المجلس يُقيم الظروف وإذا ما كانت تُعتبر ظروفًا طارئة تستدعي نفقات مستعجلة أم لا، ويقترح رئيس الجمهورية هذا الأمر شخصيًا أو بعد توافق مع مجلس الوزراء".

 

أمّا لناحية أن لا تتجاوز مجموع الاعتمادات التي يتم اقرارها سقف الـ1000 مليار، يشير مخايل أنّ نص المادة 7 واضح للغاية. وهو ما يتقاطع مع ما جاء في المادة 85 من الدّستور التي توجب أن تحدّد الموازنة حدًا أقصى للاعتمادات الاستثنائية التي يمكن فتحها.

 

وفي هذا السياق، يؤكد خبراء المعهد المالي أنّ مبلغ الـ 1000 مليار، هو السقف السنوي للاعتماد، ويمكن أن يكون اعتمادًا واحدًا بقيمة 1000 مليار أو عدّة اعتمادات في السنة بمجموع ما قيمته 1000 مليار كحد أقصى. ويؤكد الخبراء أن هذه الصلاحية لم تستخدم كثيرًا في السابق".

 

إذاً، ما ورد في الاشكالية صحيح جزئيا، إذ إنّ رئيس الجمهورية يملك صلاحية إتخاذ مرسوم بفتح اعتمادات استثنائية بناء على قرار صادر من مجلس الوزراء ولكن فقط في ظروف طارئة محدّدة يقرّرها مجلس الوزراء، وبشروط يحدّدها الدستور، أبرزها أن يكون هناك سقف مالي واضح. أي أن هذه الصلاحية ليست مطلقة، ولا يمكن استخدامها في أي ظرف أو لتبرير إنفاق غير مبرّر خارج الرقابة التشريعية.