Loading...
halftrue

صحيح جزئياً

القرض الحسن
هل مصرف لبنان هو الجهة المخوّلة قانونا معالجة مسألة القرض الحسن؟
11/09/2025

صرّح وزير المالية ياسين جابر في 1 أيلول 2025 لقناة الحدث أنّ "المصرف المركزي يحاول معالجة مسألة مؤسسة "القرض الحسن" التابعة لحزب الله.

 

وردّ مصرف لبنان على هذا التصريح بأنّ ""أي هيئة أو منظمة خاضعة لعقوبات دولية وليست مرخّصة من مصرف لبنان ولا تخضع لسلطته، فإن دور المصرف في هذه الحالة يبقى محدوداً في الصلاحيات والنطاق. وفي هذه الحالات، تقع المسؤولية كاملةً على الدولة والوزارات المعنية التي تملك بدورها الصلاحيات والإمكانيات للتدخل. وأي إشارة عكس ذلك تُعتبر إسناداً لصلاحيات لمصرف لبنان لا يملكها، ولم ينصّ عليها القانون، ولا سيما قانون النقد والتسليف".

أثار هذا السجال ردّات فعل على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى الوسائل الإعلامية حول الخلاف بين وزارة المالية ومصرف لبنان لجهة معالجة ملف القرض الحسن. 

 

فهل مصرف لبنان هو الجهة المخوّلة قانونا معالجة مسألة القرض الحسن؟ 

 

بالعودة الى الموقع الرسمي لمؤسسة القرض الحسن، فقذ تأسست جمعية مؤسسة القرض الحسن عام 1982, عقب الاجتياح الاسرائيلي للبنان و ما خلفه من أوضاع اجتماعية و اقتصادية مدمّرة, لتكون رافدا" من روافد المقاومة عبر دعمها للمجتمع اللبناني المقاوم. وتمّ ترخيصها من وزارة الداخلية اللبنانية سنة 1987 بموجب علم و خبر 217/أ.د. :

اذا ان طبيعتها القانونية هي جمعية خاضعة لنظام العلم والخبر من وزارة الداخلية اللبنانية وليس من مصرف لبنان كمؤسسة مالية للإقراض وتسليف الأموال. 

 

وهنا يشير المستشار المصرفي بهيج الخطيب في حديث لـ"مهارات نيوز" إلى أنّ " مؤسسة القرض الحسن مارست أعمالا مالية كالإقراض وتلقّي رهونات الذهب مقابل تديين الأموال، وهذه تعتبر نشاطات مالية خارجة عن المالوف في عمل الجمعيات التي لا تبغي الربح".

أما لناحية الجهات المسؤولة عن معالجة ملف القرض الحسن، فقد أصدر المصرف المركزي تعميما في 14 تموز 2025 التعميم رقم 170 الذي " یحظرعلى المصارف والمؤسسات المالیة وسائر المؤسسات الخاضعة لترخیص من مصرف لبنان وعلى مؤسسات الوساطة المالیة وھیئات الاستثمار الجماعي أن تقوم بأي تعامل (مالي أو تجاري، او غیره...)، بشكل مباشر أو غیر مباشر، كلیًا أو جزئیًا، مع مؤسسات الصرافة وشركات تحویل الاموال والجمعیات والھیئات غیر المرخصة كـ "جمعیة القرض الحسن" و"شركة تسھیلات ش.م.م." و"شركة الیسر للتمویل والاستثمار" و"بیت المال للمسلمین" وغیرھا من المؤسسات والھیئات والشركات والكیانات والجمعیات المدرجة على لوائح العقوبات الدولیة…".

 

وكانت قد فرضت الولايات المتحدة الأميركية في 3 تموز 2025 عقوبات على سبعة مسؤولين كبار وكيان واحد مرتبطين بمؤسسة القرض الحسن التابعة لحزب الله، وهو ما دفع مصرف لبنان لإصدار التعميم 170 وحظر التعامل مع المؤسسة.

ويكون مصرف لبنان في هذا التعميم ركز على المؤسسات المدرجة على لوائح العقوبات الدولية دون التطرق الى طبيعة عمل هذه المؤسسات ومخالفتها لقانون النقد والتسليف.

 

في هذا السياق تقول الباحثة القانونية المتخصصة بالشأن المصرفي سابين الكيك في مقابلة مع "مهارات نيوز" إنّ "مصرف لبنان برّأ نفسه أمام المجتمع الدولي ولكن هناك مجتمع لبناني وقانون داخلي وانتظام تشريعي داخلي يلزم مصرف لبنان التحرّك وتقديم إخبار أمام النيابة العامّة المالية فهذه المؤسسات تعمل دون ترخيص والمصرف هو الجهة المخوّلة إعطاء التراخيص".

 

أما لناحية مسؤولية مصرف لبنان، تقول الكيك إنّ " مصرف لبنان أصدر تعميما بعدم التعامل مع هذه المؤسسات المالية التي يوجد عليها عقوبات دوليّة. ولكن على صعيد آخر، فبحسب المادة 200 من قانون النقد والتسليف، فإن عملية الصرافة والتسليف يقوم بها حصرا مؤسسات منظّمة ومرخّص لها من مصرف لبنان والقرض الحسن ليس من ضمن هذه المؤسسات وهذا يشكّل جرما جزائيا يعاقب عليه القانون".

 

وتضيف الكيك أنّ "مصرف لبنان ليس المرجعية الصالحة للتجريم أو لإصدار الأحكام ولكن أقلّه على مصرف لبنان أن يتحمّل مسؤوليته بتحريك الملف أمام النيابة العامة المالية بسبب مخالفة قانون النقد والتسليف".

وتنصّ المادة 200 من قانون النقد والتسليف "بمعاقبة كل شخص يتعاطى عادة اعمال تسليف، ايا كان نوعها دون ان يكون مسجلا لدى "مصرف لبنان" وفقا لاحكام المادة 181 أو دون أن يكون قد أجرى التصريح المطلوب بموجب المادة 184 من قانون النقد والتسليف".

كما اضافت الكيك إلى أنّ "هناك دور على وزارة الداخلية والبلديات ووزارة المالية للتآكد من انتظام عمل اي مؤسسة ضمن القوانين المرعية  لذا اليوم بدل من تقاذف المسؤوليات يجب أن تتحرّك جهة من الجهات لمعالجة وضع هذه المؤسسات".

 

أما لناحية النيابة العامة المالية، وبعد قراءتها لتعميم مصرف لبنان حول هذه المؤسسات كان يجب أن تتحرّك وتضع حدّ لهذا الأمر، ولكن كل الجهات اليوم تتهرب من المواجهة فهذا الملف يتضمّن إشكاليات سياسية ما دفع إلى التغاضي عن هذه المؤسسات طيلة كل هذه الأعوام، بحسب الكيك. 
 

إذًا ما صرّح به مصرف لبنان صحيح جزئيا، إذ لا صلاحية مباشرة لمصرف لبنان بمعالجة ملف القرض الحسن وإصدار الأحكام، ولكن وبناء على قانون النقد والتسليف وتحديدا المادة 200 منه التي تحصر عملية التسليف بالمؤسسات المرخّصة من مصرف لبنان يمكن لمصرف لبنان التحرّك بصفة الادعاء أمام النيابة العامة المالية وإلزامها التحرّك.