Loading...
false

غير صحيح

قضايا الأموال في السعودية
هل يمكن قانونًا لتسوية أن تُسقط الحقّ العام بقضايا تبييض الأموال؟
19/07/2024

في متابعة لملف بنك "الإعتماد المصرفي"، على خلفية الإشتباه بتورط رئيس مجلس إدارة البنك طارق خليفة في إختلاس وتهريب أموال، وسط شكوك بتورطه في عمليات تبييض الأموال من أجل تحقيق منافع شخصية وأرباح مالية بملايين الدولارات. 

 

وبعد تولّي محمد بعاصيري الإدارة المؤقتة للمصرف، يدور الحديث حول تسوية بحسب ما ورد في مقال لصحيفة الأخبار، "تهدف إلى إقفال الملف الرئيسي الموجود أمام هيئة التحقيق الخاصة،  والذي يتم اختصاره بطلب زيادة المصرف رأسماله بمبلغ من "الأموال الطازجة" قدّرت بحوالي 32 مليون دولار نقدي، ما يوازي قيمة 309 ملايين دولار بنكي (لولار)، تمثّل حجم الفجوة المطلوب سدّها. وتقول التسوية بأنّه في حال إنجاز هذا الأمر، يكون المصرف قد أقفل ملفّه الإشكالي مع مصرف لبنان (وأُعفي خليفة من الملاحقة القانونية)". 

 

ولكن هل يمكن قانوناً لتسوية أن تُسقط الحقّ العام بقضايا تبييض الأموال؟

 

القصة بدأت بعد قرار حاكم مصرف لبنان تعيين محمد بعاصيري مديراً مؤقتاً لبنك "الإعتماد المصرفي"، وبدأ الأخير عملية التدقيق في مخالفات المصرف كما حدّدتها لجنة الرقابة على المصارف في وقت سابق، والتي عُرضت أيضاً على الهيئة المصرفية العليا. 

وتبيّن لبعاصيري وجود أدلة عن مسؤولية طارق خليفة عن العجز الذي يرزح تحت وطأته بنك الاعتماد المصرفي البالغ 309 ملايين دولار أميركي. وكان قرار المصرف المركزي في تجميد عمل وصلاحيات خليفة، خطوة أساسية سمحت بالتدقيق في شبهات اختلاس، بعدما إتّهم أعضاء مجلس إدارة المصرف رئيس مجلس الإدارة بالتورط في عمليات مخالفة للقانون، الأمر الذي دفع المدير المؤقّت محمد بعاصيري إلى الطلب من هيئة التحقيق الخاصة في المصرف المركزي إلقاء الحجز الكامل على ممتلكات خليفة وأمواله الموجودة داخل لبنان وخارجه. 

 

هذا الحديث أثار مسألة ذات بعد قانوني تتعلّق بالحقّ العام، على إعتبار أن التسوية تهدف إلى وقف عمليات التدقيق، وبالتالي وقف عمليات الملاحقة. فبحسب جريدة الأخبار "هناك ملامح تسوية كبيرة تقضي بالعفو عن كل المخالفات، وأن خليفة نفسه حصل على تعهّد بعدم توجيه أيّ تهمة له في حال سار بالتسوية، وأن بعاصيري سيعلن انتهاء مهمته كمدير مؤقت، وسوف يصار الى إعادة المصرف الى وضعه الطبيعي، بينما يسعى خليفة الى العودة الى ممارسة مهامّه طالما لم يعد ملاحقاً".

 

في هذا الإطار يشرح الخبير القانوني طوني مخايل، في حديثٍ لـ"مهارات نيوز"، أنه في هذه الحالة وبحسب المادة السادسة من قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب رقم 44 ، تُنشأ لدى مصرف لبنان هيئة مستقلة، ذات طابع قضائي، تتمتع بالشخصية المعنوية، غير خاضعة في ممارسة أعمالها لسلطة المصرف تسمى "هيئة التحقيق الخاصة"، هي من تتابع الملف وهي من تتخذ الإجراءات بتجميد الحسابات أو منع التصرف فيها أو رفع السرية المصرفية عن حسابات الشخص المعني. وعندما تتخذ هذه القرارات بعد التحقيق والتثبت من الوقائع لا يمكن لهيئة التحقيق الخاصة في هذه الحالة إغلاق الملف. 

ويضيف: "كون هيئة التحقيق الخاصة في هذه الحالة تأكدت من الوقائع وإتخذت الإجراءات بتجميد الحسابات ومنع التصرف بها ورفع السرية المصرفية عنها، من المفترض هنا أن تبلّغ الهيئة المصرفية العليا وأن تبلّغ أيضاً النائب العام التمييزي وهو من يتولى تحريك دعوى الحق العام". 

 

قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، رقم 44 ينص بوضوح في المادة الثانية منه على أن "جريمة تبييض الأموال هي جريمة مستقلة ولا تستلزم الإدانة بجرم أصلي، كما أن إدانة الفاعل بالجرم الأصلي لا يحول دون ملاحقته بجرم تبييض الأموال في حال وجود إختلاف بالعناصر الجرمية". 

 

ويُعاقب بحسب المادة الثالثة "كلّ من أقدم أو حاول الإقدام أو حرّض أو سهّل أو تدخل أو إشترك في عمليات تبييض أموال بالحبس من ثلاث إلى سبع سنوات وبغرامة لا تزيد عن مثلي المبلغ موضوع عملية التبييض. وفي عمليات تمويل الإرهاب أو الأعمال المرتبطة بها بالعقوبات المنصوص عليها في المادة ٣١٦ مكرر والمواد ٢١٢ لغاية ٢٢٢ ضمناً من قانون العقوبات".

 

في السياق يلفت مخايل إلى أن "وقوع جريمة إختلاس أموال والتصرف فيها بقصد إخفاء مصدرها، تُعدّ جريمة من جرائم تبييض الأموال وهذا الجرم بحدّ ذاته لا يمكن لمصرف لبنان أن يساوم أو يفاوض عليه".

 

ويضيف: "في حالة جرم تبييض الأموال، لا يمكن إغلاق الملف لناحية الجرم المرتكب ولكن في المقابل يمكن مفاوضة الشخص المعني لردّ الأموال، معتبراً أنه "من مصلحته أن يفاوض لردّ جزء من الأموال لرفع تجميد حساباته الأخرى، لأنه يمكن تجميد حساباته الشخصية وحتى رفع السرية المصرفية عنه نهائياً ويصبح ملاحق أمام القضاء. ومن مصلحة الهيئة في المقابل أن تفاوضه لإسترجاع الأموال". 

ويؤكد بالتالي أن "المفاوضات المتعلقة بإسترجاع الأموال لا علاقة لها بالجرم فلقد وقع الجرم ويجب إبلاغ النيابة العامة التمييزية وهي من تقوم بتحريك الدعوى". 

 

إذاً ما تمّ تداوله غير صحيح، فالتفاوض لا يؤثر على دعوى الحق العام بحسب قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، رقم 44. ووفقاً للخبير القانوني طوني مخايل لأن وقوع جريمة إختلاس أموال والتصرف فيها بقصد إخفاء مصدرها، تُعدّ جريمة من جرائم تبييض الأموال وهذا الجرم بحدّ ذاته لا يمكن لمصرف لبنان أن يساوم أو يفاوض عليه.