Loading...

الحماية الاجتماعية في موازنة 2022: حقيقة أم وهم؟

 

تخصّص موازنة 2022 نسبة كبيرة من النفقات لصالح الحماية الاجتماعية، لكنّ ذلك لا يعني بحسب خبراء ضمان تغطية شاملة ومنصفة للفئات الأكثر حاجة في لبنان الغارق في إنهيار إقتصادي مستمر منذ ثلاثة أعوام فاقمه إنفجار مروّع في بيروت صيف العام 2020.

 

في 15 تشرين الثاني، دخل قانون الموازنة العامة لعام 2022 الذي أقره المجلس النيابي قبل شهرين حيز التنفيذ. وتظهر قراءة أولية رصد الموازنة رقم كبير من الإنفاق للحماية الاجتماعية، وتقول عنه الاقتصادية في معهد باسل فليحان المالي والإقتصادي سابين حاتم لموقع مهارات نيوز "يُعتبر الرقم كبيرًا، لكنّ المشكلة تكمن في أن أغلبية هذا الإنفاق يذهب كمخصّصات وتقدمات للقطاع العام، ويبقى السؤال من أين سيتم تمويل هذا الإنفاق في ظل تراجع إيرادات الدولة؟".

 

وتضمّنت الموازنة إجراءات عدّة أبرزها زيادة رواتب موظفي القطاع العام، المدنيين والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين وكافة الأجراء في الدولة، ضعفين على الراتب الأساسي.

 

وترى حاتم أن "هذا الإنفاق لا يأتي ضمن خطة واضحة وشاملة، ولا يطال كل الفئات التي تحتاج حماية اجتماعية، وبالتالي لا يمكن الحديث عن مساواة وعدالة".

 

ومن الثغرات التي تعيق تحقيق الأهداف، بحسب حاتم، مشكلة العاملين غير المسجلين أو الذين لا ينضوون مثلًا في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، والذين لا يحظون بالتالي بأي نوع من الحماية.

 

وبحسب دراسة نشرها معهد باسل فليحان المالي والإقتصادي عام 2021، تضمّنت مراجعة شاملة لكافة بنود الموازنة العامة ولسياسات تمويل الخدمات والبرامج المخصصة للحماية الإجتماعيّة والملحوظة في الفترة من العام 2017 إلى 2020، تبيّن أن لبنان أنفق حوالى 13.8% من ناتجه المحلي الإجمالي، و30% من نفقاته العامة على الحماية الاجتماعية.

 

ورغم أن إنفاق لبنان على الحماية الإجتماعية يعدّ أعلى من الدول العربية المجاورة، لكنّ التغطية هي من بين التغطيات الأدنى والأقل إنصافًا.

 

ويعود ضعف فعالية الحماية الإجتماعية في معالجة والحد من الفقر وعدم المساواة في لبنان بدرجة رئيسية إلى التباينات في الإنفاق وغياب إستراتيجية للحماية الاجتماعية.

 

 المصدر: موازنة المواطنة والمواطن – مشروع موازنة 2022 - معهد باسل فليحان المالي والإقتصادي

 

ويشرح المحامي نجيب فرحات في حديث لموقع مهارات نيوز أن الموازنة لا تتضمّن نفقات استثمارية والمبالغ التي رصدت للحماية الاجتماعية مثل تعاونية موظفي الدولة والجامعة اللبنانية ليست كافية لتحقيق الأهداف، خصوصًا مع الانخفاض المتزايد في قيمة الليرة مقابل الدولار.

 

ويضيف "ستزيد هذه الموازنة التضخّم ولن تؤدي لحماية إجتماعية، كونها قائمة بشكل أساسي على زيادة طبع الليرة اللبنانية ولا موارد حقيقية لها، وإن وجدت فهي من جيوب الناس الفقيرة" متسائلًا "أين الحماية إذا؟".

 

ويرى أن "الأرقام وهمية ولا تعبّر عن الواقع الحقيقي، إذ لا يمكن تحصيل الإيرادات حيث أوشكنا على انتهاء السنة".

 

وفي ما يخص الزيادة على رواتب موظفي القطاع العام، يقول فرحات إنّها "لن تغير من واقع الموظف الذي سيُمنح زيادة من جهة، وستؤخذ منه من جهة أخرى مع ارتفاع الأسعار الذي سيحصل".  

 

ويقول فرحات الذي يعمل كمستشار قانوني للنائبة بولا يعقوبيان، "نتحضر لتقديم طعن في الموازنة "بالتعاون مع بعض النواب الذين يشاركوننا الرؤية نفسها".

 

فيما يلي بعض مواد الموازنة المتعلقة بالمساعدات الاجتماعية

- المادة الثالثة عشرة: إجازة نقل إعتمادات لمساعدة الأسر الأكثر حاجة

خلافا لأي نص آخر، يمكن نقل الإعتمادات الملحوظة في باب احتياطي الموازنة والمخصصة لتوزيع مساعدات إجتماعية للأسر الأكثر حاجة والمقدرة بقيمة 134.4 مليار ليرة لبنانية بمرسوم يصدر وفق الأصول بناء على إقتراح وزير الشؤون الإجتماعية.

 

- المادة الرابعة عشرة: إجازة نقل إعتمادات لمعالجة الأوضاع المستجدة بفعل فيروس كورونا 

خلافا لأي نص آخر، يمكن نقل الإعتمادات الملحوظة في باب احتياطي الموازنة والمخصصة لمعالجة الأوضاع المستجدة بفعل فيروس كورونا والمقدرة بقيمة 200 مليار ليرة لبنانية بمرسوم يصدر وفق الأصول بناء على إقتراح وزير الصحة العامة 

 

- المادة الخامسة عشرة:  إجازة نقل إعتمادات لتوزيع مساعدات ترميم الأبنية السكنية جراء انفجار مرفأ بيروت

خلافا لأي نص آخر، يمكن نقل الإعتمادات الملحوظة  في باب احتياطي الموازنة والمخصصة لتوزيع مساعدات ترميم الأبنية السكنية جراء إنفجار مرفأ بيروت والمقدرة بقيمة 100 مليار ليرة لبنانية بمرسوم يصدر وفق الأصول بناء على إقتراح رئيس مجلس الوزراء.

 

مواقف دولية تستعجل الإصلاح

تُعدّ الحماية الاجتماعية ركيزة أساسية من ركائز إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار (3RF)، الذي يعدّ جزءًا من الاستجابة الشاملة للإنفجار الهائل الذي وقع في مرفأ بيروت في 4 آب 2020. ويركّز الإطار على المواطن بشكل أساسي ويتمحور حول 18 شهرًا ليربط بين الاستجابة الإنسانية الفورية وجهود التعافي وإعادة الإعمار على المدى المتوسط لوضع لبنان على مسار التنمية المستدامة. 

 

وتهدف الركيزة إلى منع تدهور أوضاع الناس المعيشية والحفاظ على كرامتهم وسلامتهم من خلال:

- زيادة نظم وبرامج المساعدة الاجتماعية مع التركيز على الأفراد الضعفاء اقتصاديًا

- تعزيز قدرات خدمات الحماية والرعاية الإجتماعية وإمكانية حصول الفئات المهمشة عليها.

- إرساء أسس نظام للمساعدة الاجتماعية عن طريق إتاحة التحويلات النقدية على نطاق واسع للأسر التي تعاني من الفقر المدقع

دعم حقوق الضحايا وتعويضهم، وحماية الفئات المهمشة.

إلا أن عقبات كثيرة حالت دون تطبيق هذه البنود رغم الحاجة الماسة إليها.

 

ضمن فيديو مصوّر نشر على موقع البنك الدولي، تقول المنسّقة المقيمة للأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية سابقًا في لبنان نجاة رشدي إنه "بعد مرور عامين على الإنفجار المأساوي في مرفأ بيروت، تمكنا مع شركائنا من وضع خطة تعافي ترتكز على الإنسان أولًا، لكن للأسف لم يتحقق سوى القليل على صعيد الإصلاحات".

 

وشدّدت على أهمية أن "نعمل بجد من أجل تفعيل إستراتيجية الحماية الاجتماعية لأنها السبيل الوحيد لحماية الفئات الأكثر ضعفًا وعدم إهمال أحد".

 

وفي الفيديو نفسه، ينبّه المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي سابقًا ساروج كومار جها إلى أنّ "التأخيرالمتعمّد في معالجة الأسباب الجذرية للأزمة يهدد بفشل مؤسسات الدولة"، داعيًا "الحكومة اللبنانية وجميع أصحاب المصلحة إلى اعتماد وتنفيذ برنامج إصلاح وتعافي شامل على وجه السرعة لمنع البلاد من الغرق أكثر".

 

TAG : ,موازنة 2022 ,الحماية الاجتماعية ,النفقات ,تغطية شاملة ,الانهيار الاقتصادي ,الأزمة الاقتصادية ,قانون الموازنة العامة ,إيرادات الدولة ,تمويل الخدمات ,برنامج إصلاح