غير صحيح
صدر في 17/8/2020 قرار عن امين عام مجلس الوزراء اعلن فيه تمديد حالة الطوارئ حتى تاريخ 18/9/2020. القرار موقع من امين عام مجلس الوزراء القاضي محمود مكية ورد فيه انه تقرر تمديد حالة الطوارئ استنادا الى موافقة استثنائية عن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المستقيلة ودون العودة الى مجلس الوزراء لتعذر عرض الموضوع على مجلس الوزراء بعد استقالة الحكومة، وذلك نظرا للأوضاع الميدانية الراهنة التي توجب تمديد حالة الطوارئ، على ان يعرض الموضوع على مجلس الوزراء على سبيل التسوية.
فما مدى قانونية تمديد حالة الطوارئ بموجب تدبير اداري؟ وهل يخالف هذا القرار الاصول المفروضة قانونا؟
ان قرار مجلس الوزراء بإعلان حالة الطوارئ هو من القرارات التي تحتاج الى موافقة ثلثي عدد اعضاء الحكومة وفقا لأحكام المادة 65 من الدستور اللبناني والتي عددت جملة المواضيع الاساسية التي يحتاج مجلس الوزراء الى اكثرية موصوفة للتقرير بشأنها.
وقد اتاحت المادة الاولى من المرسوم الاشتراعي رقم 52/67 للحكومة إعلان حالة الطوارئ عند وقوع احداث تأخذ طابع الكارثة. ونصت المادة الثانية على ان تعلن حالة الطوارئ بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء على ان يجتمع مجلس النواب للنظر بهذا التدبير في مهلة ثمانية ايام وان لم يكن في دور الانعقاد، مع العلم ان مجلس النواب في حالة انعقاد حكمية اثناء حكومة مستقيلة.
وبناء على ذلك اعلن مجلس الوزراء اللبناني في الخامس من آب اثر انفجار المرفأ،حالة الطوارئ لمدة اسبوعين قابلة للتجديد حتى تاريخ 18/8/2020 وذلك استنادا الى المادة 3 من قانون الدفاع الوطني رقم 102 للعام 1983 والمواد 1 و2و3 و4 من المرسوم الاشتراعي رقم 52 تاريخ 5/8/1967.
وان تمديد حالة الطوارئ لا يمكن ان تتم الا وفقا لنفس الأصول أي يجب ان تصدر بمرسوم عن مجلس الوزراء يليها اجتماع المجلس النيابي للنظر بهذا التدبير في مهلة ثمانية ايام وان لم يكن في دور الانعقاد.
وبما ان الحكومة مستقيلة وتقوم بتصريف الاعمال فان حالة الطوارئ لا تدخل بمفهوم تصريف الاعمال العادية بالمعنى الضيق وفق احكام المادة 64 من الدستور، التي تتضمن في فقرتها الثانية ان الحكومة المستقيلة تمارس صلاحياتها بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال.
وقد استقر اجتهاد مجلس شورى الدولة اللبناني على انه "لايجوزللحكومة المستقيلة القيام بالأعمال التصرفية، وهي التي ترتبط بسياسة الدولة العليا والخيارات الاساسية والمواضيع المصيرية الحساسة اوترتبط بمالية الدولة المستقبلية، في حين يجوز للحكومة المستقيلة القيام بالأعمال الادارية العادية وهي التي تتعلق بتسييرالامور اليومية والاعمال الروتينية التي لايمكن تجميدها طيلة فترة استقالة القيام الحكومة، والتي لا تقيد مبدئيا الحكومات اللاحقة في انتهاج سياستها العليا ..." قرار مجلس شورى الدولة رقم 98/522 لعام 1999.
وكان مجلس شورى الدولة اللبناني قد اعتبر في قرار له في العام 1969 في قضية راشد ضد الدولة ان "الأوضاع الإستثنائية التي تتعلق بالنظام العام وأمن الدولة الداخلي والخارجي تسمح للحكومة المستقيلة باتخاذ تدابير ضرورية تخرج عن تصريف الأعمال. وفي هذه الحالات، تخضع تدابير الوزارة المستقيلة وتقدير ظروف اتخاذها إياها إلى رقابة القضاء الإداريّ بسبب فقدان الرقابة البرلمانيّة وانتفاء المسؤولية الوزارية".
اذا، ان قرار تمديد حالة الطوارئ بموجب كتاب صادر عن امين عام مجلس الوزراء هو غير قانوني بالشكل ويخالف الاصول المنصوص عنها في الدستور وقانون الدفاع الوطني وقانون اعلان حالة الطوارئ.
اما في المضمون فان التصريح بتعذر انعقاد مجلس الوزراء لإتخاذ القرار بتمديد حالة الطوارئ بسبب استقالة الحكومة هو غير صحيح كونه يمكن لمجلس الوزراء اتخاذ قرارات تصرفية تقتضيها حالة الضرورة في الظروف الاستثنائية.
فيكون قرار تمديد حالة الطوارئ غير قانوني بالشكل والمضمون.