"أحسسنا بأننا مقطوعين عن العالم"، هكذا كانت حال الصحافيين الذين انطلقوا لتغطية الأحداث في جنوب لبنان عقب الاعتداء الاسرائيلي الجوّي الذي أسفر عن مئات الضحايا وآلاف الجرحى يوم الاثنين الماضي في 23 أيلول 2024.
فمع بداية العدوان وحالة الرعب التي عاشها المواطنون، ساهم انقطاع الاتصالات والانترنت بزيادة التوتّر بين الناس لعدم القدرة على التواصل، بالإضافة إلى التأثير الكبير لانعدام الخدمة على عمل الصحافيين، كون التواصل والاتصال يشكّلان الركيزة الأساسية للصحافيين في نقل واقع الحال في جنوب لبنان.
هنا، يقول الصحافي في قناة الـLBC إدموند ساسين: " رأينا معاناة النازحين نتيجة زحمة السير الخانقة، وعلى صعيد عملنا الصحافي عانينا الكثير من التحديات أهمها انقطاع الاتصالات بشكل كلي الأمر الذي منعنا من التواصل مع مكان عملنا وعائلاتنا، أي كأن الهاتف غير موجود أساسا".
أما الصحافية في موقع "لبنان الكبير" فاطمة البسام فتشير إلى أنّ "ما حصل هو انقطاع كلّي عن العالم الخارجي وفي هذه الأزمات تنتشر الكثير من الأخبار الكاذبة لذلك لم يكن باستطاعتنا تأكيد أو نفي أي خبر نتيحة عدم القدرة على التواصل مع الزملاء الصحافيين والاطلاع على الأخبار".
خطة طوارئ بلا اتصالات
وبالعودة إلى خطة الطوارئ الوطنية، من اللافت عدم تضمينها أي خطة واضحة لقطاع الاتصالات، ولو بالحد الأدنى في حال وقعت الحرب، رغم كل المؤشرات المقلقة في هذا القطاع، أكان لناحية البنية التحتية الرديئة للاتصالات في لبنان أو لناحية التشويش واستخدام هذه الشبكة من قبل اسرائيل.
وهكذا لم يرد ذكر هذا القطاع في هذه الخطة سوى مرتين، واحدة في الصفحة 12 لدى ذكر البنى التحتية، ومرة أخرى في الصفحة 20 لدى ذكر الوزارات المعنية بالتنظيم اللوجستي وهكذا سقطت من خطة طوارىء قائمة أصلا على غرف عمليات وتأمين لوجستي أي إشارة إلى تأمين الاتصالات، الشريان الأساسي للتواصل ولإنجاح أي خطة.
غير أنه، جرى الحديث عن خطة لطوارئ الاتصالات في مقابلة لوكالة الأنباء "المركزية"، صرّح فيها وزير الاتصالات جوني القرم عن وجود خطة "أ" لقطاع الاتصالات تعتمد على إنشاء غرفة طوارئ وحماية الموظفين أمنيا وتأمين البدائل وفق الأولويات الاستراتيجية أي تأمين الانترنت لرئاسة مجلس الوزراء(الذي كان اولويته اقرار الموازنة في ظلّ الاعتداء والنزوح)، وللوزارات الأساسية والصليب الأحمر والدفاع المدني، بالإضافة لتأمين قطع الصيانة والتعاون مع فريق عمل "تاتش" و "ألفا" وتوزيع المهام على الموظّفين.
واللافت عدم تطرّق الخطة هذه إلى تأمين اتصالات المواطنين والصحافيين، على اعتبار أنهم خارج الأولوية الاستراتيجية. وهو ما تمّ تثبيته في ظلّ النزوح الكثيف من الجنوب، والذي ترك فيه المواطنين لمصيرهم دون أي وسيلة اتصال في ظلّ زحمة سير أبقت الناس في الطرقات لأكثر من ٢١ ساعة، بالإضافة إلى معاناة الصحافيين خلال أدائهم لعملهم.
وفي حديثنا مع أحد المتطوّعين في الصليب الأحمر، والذي شارك في نقل المصابين خلال الاعتداء على الجنوب، أكّد أنه "لم يتمّ تأمين أي نوع من خدمات الانترنت من وزارة الاتصالات"، على الرغم من أنّ الصليب الأحمر ضمن الأولويات التي ذكرتها خطة الطوارئ.
لا خطة بديلة
وقد أتى تصريح مدير عام اوجيرو عماد كريدية، في حديث تلفزيوني لـMTV نهار الاعتداء، دليلا إضافيا على مدى عجز المعنيين عن تأمين الاتصالات، إذ قال إنّ "لا خطة بديلة لتأمين الإنترنت في حال ضُربت شبكة الاتصالات و”ستارلينك” ليس حلاً وخطة الطوارئ هي إبقاء أجهزة الدولة على تواصل مع العالم وتأمين الخدمات والمساعدات الأساسية".
وإحدى الحلول التي كانت مطروحة هو إدخال أجهزة ستارلينك إلى لبنان لتأمين الإنترنت، إذ حصر وزير الاتصالات خطة الطوارئ PLAN B بشركة ستارلينك لناحية تأمين الإنترنت عبر الـ"ساتيلايت" وليس عبر شبكة "أوجيرو" التقليديّة. ولكن لم يتمّ إلى اليوم اعتماد هذه الخدمة. وكانت مهارات نيوز قد نشرت عدة تقارير عن خدمة ستارلينك وقانونية إدخالها بشكل مؤقت إلى لبنان في ظل الحرب.
إذا وفي ظلّ الاعتداء الاسرائيلي على لبنان، لا بد من اعتماد خطة طوارئ لتأمين استمرارية الاتصالات والانترنت للجميع لتخفيف وطأة الأزمة، إذ تشير الصحافية فاطمة البسام أنّ "انقطاع وسائل التواصل عنك وعن الناس هو مساهمة بزيادة الخطر على حياة الصحافيين وحياة المواطنين".
TAG : ,خطة الطوارئ الوطنية ,قطاع الاتصالات ,الاتصالات ,خطة طوارئ الاتصالات ,الانترنت ,أوجيرو ,وزارة الاتصالات ,لبنان ,اسرائيل ,النزوح ,التغطية الصحافية