صحيح
قدّمت عائلة الصحافي عصام عبدالله الذي تم قتله بنيران دبابة اسرائيلية قرب علما الشعب في ١٣ تشرين الاول ٢٠٢٣، مذكّرة وملف معلومات بشأن عملية الاعتداء إلى لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية، وإسرائيل، وقد تم تقديم المذكّرة في ٢٤ تموز ٢٠٢٤ استجابة لدعوة اللجنة بتقديم مذكّرات بشأن الجرائم الدولية التي ارتكبت منذ 7 تشرين الأول 2023.
وكانت وزارة الخارجية اللبنانية قد أوعزت بعد يوم من الاعتداء إلى البعثة اللبنانية الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك "تقديم شكوى الى مجلس الامن الدولي حول قتل إسرائيل المتعمد للصحافي اللبناني الشهيد عصام عبدالله العامل في وكالة رويترز…"،. ولكن لم يتمّ إعلان أي نتائج حول تحقيقات رسمية من قبل لبنان أو إسرائيل بشأن الحادثة حتى اليوم، في حين أكدت تحقيقات مستقلّة أجرتها منظمات حقوقية عدة أنّ عصام قُتل بنيران دبابة إسرائيلية من دون تبادل نيران مسبق في المنطقة.
.
فهل فعلا تقدّمت وزارة الخارجية اللبنانية بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي؟
لم يصدر أي بيان عن الجهات الرسمية اللبنانية حول متابعة هذا الملف كما لم ترد اشارة لمصير هذه الشكوى في المذكرة التي قدمتها عائلة عبدالله وطالبت فيها لجنة التحقيق الدولية المستقلة لإجراء تحقيقٍ مستقلٍّ حول استشهاده، كما دعت قوة الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) إلى نشر تقريرها حول الحادثة.
لذا قام فريق مهارات نيوز بالمتابعة للتأكد من أن الشكوى تم فعلا تقديمها إلى مجلس الأمن عبر التواصل مع وزارة الخارجية ونشطاء حقوقيون يتابعون الملف.
وقد أكّد مصدر دبلوماسي في وزارة الخارجية لـ"مهارات نيوز" أن "الشكوى قد تقدّمت بالفعل عبر رسالة تم إرسالها إلى بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك ومن ثم إلى مجلس الأمن الدولي وإلى أمين عام الأمم المتحدة، وتم الطلب من مجلس الأمن أخذ التدابير اللازمة بحق إسرائيل".
أما عن كونها شكوى او رسالة وما إذا كانت مسجّلة لدى الأمم المتحدة، يضيف المصدر أنّه " من المؤكّد أنها مسجّلة في سجلات مجلس الأمن الدولي وأيضا في سجلات الجمعية العامّة، ولقد قمنا بإرسال عشرات الشكاوى التي يتمّ أرشفتها في أرشيف مجلس الأمن الدولي وتظهر في التقارير الدورية لأمين عام الأمم المتحدة".
سياق قضيّة الصحافي عصام عبدالله
قتل الصحافي عصام عبدالله في 13 تشرين الأول 2023 أثناء تغطيته الإخبارية من جنوب لبنان، بالقرب من علما الشعب. وقد أطلقت النيران على الصحافيين مرتين. فأدت القذيفة الأولى إلى مقتل عبدالله وإصابة مراسلة وكالة "فرانس برس" كريستينا عاصي بجروح خطيرة، وأصابت القذيفة الثانية بعد 37 ثانية سيارة صحافيي الجزيرة بشكل مباشر ودمرتها.
وقد وثقت عدة تقارير لمنظمات غير حكومية منها مراسلون بلا حدود و"امنستي" و"هيومان رايتس واتش" أن مصدر النيران أتى من دبابة اسرائيلية، وقد اطلعت حكومة تصريف الأعمال على أحد التقارير الذي أعدّته المنظمة الهولندية للبحث والتحقيق العلمي التطبيقي (TNO) وكلّفت الحكومة وزارة الخارجية بتاريخ 26 نيسان 2024 تقديم شكوى لدى المحكمة الجنائية الدوليّة سندا للمادة 12 من نظام روما المعمول به في المحكمة.
لكن و في 28 أيار 2024، تراجع لبنان عن تكليف وزارة الخارجية تقديم إعلان إلى مسجّل المحكمة الجنائية الدولية بقبول اختصاصها في التحقيق والملاحقة القضائية لكل الجرائم المرتكبة على الأراضي اللبنانية منذ السابع من أكتوبر الماضي، بما فيها تلك التي طالت الصحافيين والمسعفين ومتطوعي الدفاع المدني.
وبدلا عن الشكوى للمحكمة الجنائية الدولية، عدّلت الحكومة القرار الصادر عنها بتاريخ 26 نيسان 2024 وقرّرت أخذ العلم بتقرير المنظمة الهولندية للبحث العلمي و"الطلب إلى وزارة الخارجية والمغتربين ضمّه إلى الشكوى التي تقدّم بها لبنان بهذا الخصوص أمام الأمم المتحدة، إضافة إلى تكليف الوزارة تقديم ما يمكن من شكاوى أمام الهيئات والمنظمات الدولية”.
تذرّعت وزارة الخارجية في عملية التراجع عن الشكوى للمحكمة الجنائية الدوليّة بأن لبنان ليس دولة عضو في نظام روما المعتمد من قبل المحكمة، وقد تحقّقت "مهارات نيوز" من هذه النقطة، ليتبيّن أنه وبالعودة إلى نظام روما، يمكن امكانية اعطاء صلاحية جزئية للمحكمة الجنائية الدولية بحسب نظام روما للتحقيق حصرا في جرائم الحرب المرتكبة من إسرائيل، على الرغم من أن لبنان ليس دولة عضوة.
ويذكر أن اسرائيل قد استهدفت صحافيين في الجنوب اللبناني 7 مرّات منذ 8 تشرين الأوّل، في مروحين وعلما الشعب وحولا طيرحرفا ويارون والخيام.
إذا صحيح أن وزارة الخارجية قد تقدّمت بشكوى لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بحسب ما ذكره المصدر الدبلوماسي لـ"مهارات نيوز"، ولكن إلى اليوم لا يوجد أي قرار و إجراء فعلي بما يخص الاعتداءات التي قامت بها اسرائيل على الجسم الصحافي في جنوب لبنان، على الرغم من التقارير العديدة التي وثّقت أن مصدر النيران كان من دبابة أسرائيلية.