20 سنة من النجاح تكللت بمنحها وسام الشرف الفرنسي برتبة فارس، تكريما لانجازات المهندسة اللبنانية نادين عدرة التي تشغل اليوم منصب مديرة شركة متخصصة بتوفير الطاقة المتجددة التابعة لتوتال العالمية في فرنسا. وتنتمي عدرة إلى عائلة طرابلسية عريقة، وبدأت مسيرتها العلمية في مدرسة البنات الوطنية للروم الأورثوذكس. وحازت على دبلوم الهندسة المدنية من الجامعة اللبنانية عام 1996.
وفتح لها التفوق العلمي الباب للحصول على منحة دراسية لإتمام رسالة الماجستير في ليون، كما حصلت على إجازة في إدارة الشركات من EMLYON و ESSEC ، وهي حاصلة على دكتوراه في مجال الطاقة المستدامة. وتقديراً لنجاحها في تطوير أبحاث الطاقة وقضايا المناخ والأبنية الخضراء، مُنحت عدرة الجنسية الفرنسية.
في الإليزيه توجت إبنة طرابلس سلسلة من النجاح، فمنحها الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند وسام الشرف من رتبة فارس في مستهل 2017. ولم يكن هذا الوسام باكورة التكريم، إذ نالت في العام 2009 جائزة الإتحاد الأوروبي للطاقة المستدامة، كما حققت لقب femmes de l'economie سيدات الأعمال الفرنسية لعام 2014، كما شغلت منصب خبير لدى المفوضية الأوروبية والوكالة الدولية للطاقة في الفترة بين 2005 و 2014. ومنذ العام 2015، تشغل عدرة منصب مستشارة للتجارة الخارجية الفرنسية.
أبحاثها في مجال البيئة والطاقة جعلتها أكثر تحسساً للأخطار المستقبلية. فهي تعتبر أن المشاكل المقبلة ستدور حول الماء والنفايات. لذلك ساهمت في 2014 بإطلاق مشروع "المنصة تدريبية" على استخدام تقنيات الطاقة الشمسية في معهد البحوث الصناعية في لبنان.
وتوضح عدرة أن المشروع بتمويل فرنسي وبإشراف وزارة الطاقة اللبنانية و25 شركة فرنسية، وتم إفتتاحه في تموز 2016 كخطوة أولية في مخطط توليد 12% من الكهرباء بالإعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2020. كما ساهمت في وضع الدراسة الأولى لمشروع توليد الطاقة من خلال سقف نهر بيروت.
وتحث عدرة اللبنانيين على ضرورة تغيير سلوكياتهم المعمارية وترشيد الطاقة في المباني والمصانع، والتوجه إلى إستعمال الطاقة المتجددة وخصوصا الشمسية، وتعتبرها من المقومات الأساسية التي يجب العمل عليها في الواقع اللبناني.
ومن وجهة نظر عدرة الخبيرة في مجال الأبنية الخضراء، فإن هناك الكثير من الخطوات الممكن القيام في قطاع البناء من أجل بيئة أفضل.
ورغم البعد الجغرافي عن الوطن الأم، ما زالت تحتفظ بوجدانها بالسمات العامة للشخصية اللبنانية، ويحضر في أدبياتها مديح "الأرز" و رائحة "الزعتر" وشموخ لبنان الذي تسعى لغرس حبه لدى إبنتيها ميرا ويارا. وتعود بالذاكرة إلى أجواء صالون فضيلة فتال الأدبي، وجائزة "ماري هاسكل" التي حصدتها إبان دراستها الثانوية في العام 1990، عن موضوع "دور المرأة في كتابات سلمى حفار الكزبري".
ولم تتمكن هموم البحث العلمي من سرقة الحس الأدبي لدى عدرة، فهي تستمر بكتابة الشعر والنثر. وبات في جعبتها ديوانان "من وراء النافذة"، و"فراشة المدن"، مجموعة نصوص نثرية كتبت بعضها بالعربية، والبعض الآخر بالفرنسية، إضافة إلى نصوص إنكليزية. ويشغل التعليم حصة من حياتها، ورغم أنها ليست أستاذة متفرغة لكنها تلقي المحاضرات في فرنسا ولبنان وفي نقابة المهندسين. والغاية من ذلك تبادل الخبرات، ونقل المعارف الجديدة إلى الطلاب.
وتلفت عدرة إلى حرصها على مساعدة الطلاب اللبنانيين في فرنسا من الناحية العلمية، أو للحصول على فرص عمل هناك.
وفي ما يتعلق بقضايا المرأة والمساواة في المواقع القيادية، تعتبر عدرة أن المرأة تمتلك كل الطاقات إلا أنها ما زالت تبذل جهوداً إضافية حتى في فرنسا، مشيرةً إلى أن الإحصائيات تؤكد وجود نقص كبير في النساء اللواتي يتسلم مناصب إدارية رفيعة في الشركات الكبرى. وتربط عدرة قبولها أي منصب سياسي مستقبلي بما ستقدمه من مشاريع تنموية، فالموقع ليس هدفاً وغاية، وأي عرض يجب دراسته.
هذه المقالات تم انتاجها خلال تدريب لصحافيي المناطق حول "الاعلام الحساس لقضايا الجندر"، ضمن مشروع "دورك" الممول من الاتحاد الاوروبي، وينفذه المجلس الثقافي البريطاني بالشراكة مع مؤسسة مهارات واللجنة الاهلية لمتابعة قضايا المرأة في 21 بلدة لبنانية.